كمأة: ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ» ، أَخْرَجَاهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» «١» .
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: جَمْعٌ، وَاحِدُهُ كَمْءٌ، وَهَذَا خِلَافُ قِيَاسِ الْعَرَبِيَّةِ، فَإِنَّ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ التَّاءُ، فَالْوَاحِدُ منه بالتاء، وَإِذَا حُذِفَتْ كَانَ لِلْجَمْعِ. وَهَلْ هُوَ جَمْعٌ، أَوِ اسْمُ جَمْعٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ، قَالُوا: وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ هَذَا إِلَّا حَرْفَانِ:
كَمْأَةٌ وَكَمْءٌ، وَجَبْأَةٌ وَجَبْءٌ، وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: بَلْ هِيَ عَلَى الْقِيَاسِ: الْكَمْأَةُ لِلْوَاحِدِ، وَالْكَمْءُ لِلْكَثِيرِ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا: الْكَمْأَةُ تَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُمْ قَدْ جَمَعُوا كَمْئًا عَلَى أَكْمُؤٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤًا وَعَسَاقِلًا ... وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَنَاتِ الْأَوْبَرِ
وهذا يدل على أن «كمء» مُفْرَدٌ، «وَكَمْأَةً» جَمْعٌ.
وَالْكَمْأَةُ تَكُونُ فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُزْرَعَ، وَسُمِّيَتْ كَمْأَةً لِاسْتِتَارِهَا، وَمِنْهُ كَمَأَ الشَّهَادَةَ: إِذَا سَتَرَهَا وَأَخْفَاهَا، وَالْكَمْأَةُ مَخْفِيَّةٌ تَحْتَ الْأَرْضِ لَا وَرَقَ لَهَا، وَلَا سَاقَ، وَمَادَّتُهَا مِنْ جَوْهَرٍ أَرْضِيٍّ بُخَارِيٍّ مُحْتَقِنٍ فِي الْأَرْضِ نَحْوَ سَطْحِهَا يَحْتَقِنُ بِبَرْدِ الشِّتَاءِ، وَتُنَمِّيهِ أَمْطَارُ الرِّبِيعِ، فَيَتَوَلَّدُ وَيَنْدَفِعُ نَحْوَ سَطْحِ الأرض متجسدا، ولذلك يقال لها: جدرت الْأَرْضِ، تَشْبِيهًا بِالْجُدَرِيِّ فِي صُورَتِهِ وَمَادَّتِهِ، لِأَنَّ مَادَّتَهُ رُطُوبَةٌ دَمَوِيَّةٌ، فَتَنْدَفِعُ عِنْدَ سِنِّ التَّرَعْرُعِ فِي الْغَالِبِ، وَفِي ابْتِدَاءِ اسْتِيلَاءِ الْحَرَارَةِ، وَنَمَاءِ الْقُوَّةِ.
وَهِيَ مِمَّا يُوجَدُ فِي الرَّبِيعِ، وَيُؤْكَلُ نِيئًا وَمَطْبُوخًا، وَتُسَمِّيهَا الْعَرَبُ: نَبَاتَ الرَّعْدِ لِأَنَّهَا تَكْثُرُ بِكَثْرَتِهِ، وَتَنْفَطِرُ عَنْهَا الْأَرْضُ، وَهِيَ مِنْ أَطْعِمَةِ أَهْلِ الْبَوَادِي، وَتَكْثُرُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ، وَأَجْوَدُهَا مَا كَانَتْ أَرْضُهَا رَمْلِيَّةً قَلِيلَةَ الْمَاءِ.
وَهِيَ أَصْنَافٌ: مِنْهَا صِنْفٌ قَتَّالٌ يَضْرِبُ لَوْنُهُ إِلَى الحمرة يحدث الاختناق.
(١) أخرجه البخاري في الطب، ومسلم في الأشربة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute