تكشف مواضع شبه بين الإسلام والمسيحية، ولكن النظرة الفاحصة عن قرب تبرز خلافات أساسية وهذه الحقيقة كانت غالبا ما تثير المبشرين في الماضي، وما زالت تستميل قليلا في المجال الأكاديمي إلى التحايل على تصيّد مثل هذه الشوارد كأصول للإسلام.
وينزع المبشّر والباحث الأكاديمي إلى أن يتناسى وهو ينال من قدر محمد بطريق مباشر أو غير مباشر، كيف يقدس المسلمون الأتقياء المسيح.
وفي كتاب قريب من سلسلة بنغوين عمل مستشرق وهو قسيس أنجليكاني على عقد عدة مقارنات ليظهر أن الإسلام كان صورة غير محكمة أو مشوهة للمسيحية.. وهناك دارس آخر للإسلام هو أيضا من رجال الكهنوت (ويقصد به ولفرد كانتول سميث) يستحق الذكر هنا بوجه خاص بسبب تقديمه لمزيد من الجدل السطحي (spectulation) الذي يعرض للتشابه بين المسيحية والإسلام، وهو يكتب:«إن من أسباب تباعد الإسلام والمسيحيين بعضهم عن بعض أن كلا الفريقين قد أساء فهم عقيدة الآخر بمحاولته أن يضعها خلال طراز الاعتقاد الذي يؤمن به»«١» . وشأن كثير من التعميمات لا يبدو مثل هذا النص منصفا كما يحاول أن يكون، فإن المسيحيين وحدهم هم الذين ظلوا طوال القرون يحاولون فهم الإسلام- أو إساءة فهمه- من خلال اصطلاحات المسيحية، أما النظرة الأساسية للمسلم فقد ظلّت على حالها، لم تتغيّر على الدوام لأنها جزء من الوحي الإلهي في القرآن.
ولم يحاول مسلم مؤمن أن يدخل المسيحية في إطار آخر، والمسيحي لا يواجه في كتبه المقدسة قيودا صريحة تحجزه عن تقبل وجهة نظر المسلم في الإسلام، ومع ذلك فهو يرفض- لا رأي المسلم في المسيحية فحسب- بل رأيه في الإسلام أيضا، وهو يسعى جاهدا لتغيير الرأيين..
(١) المستشرقون الناطقون بالإنكليزية، مجلة the muslim world عدد تموز سنة ١٩٦٣ م، ترجمة د. محمد فتحي عثمان، عن د. محمد البهي: الفكر الإسلامي الحديث، ص ٥٩٣- ٦٠١.