للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومعروف أيضا أنه لم يقف يوما بمواجهة الدعوة، أو يلحق بها المتاعب، على الرغم من وثنيّته، خلافا لما صدر عن أخيه أبي لهب، حتى ليمكن اعتبار العباس أحد مستشاري الرسول صلى الله عليه وسلم وحماته أسوة بعمّه المتوفى أبي طالب، ولا ندري مدى صحة الرواية التي تقول: إنه أسلم في فترة مبكرة، وأنه اختار أن يظلّ في مكة لتأدية مهامّه في خدمة الدعوة من هناك مستندا إلى مكانته العائلية.

ومهما يكن من أمر فإن (وات) يرى أن ينفي وجوده في بيعة العقبة بالصيغة القاطعة التالية: «يجب رفض الحادث الذي وقع للعباس على أنه اختراع لا حق لإخفاء المعاملة المشينة التي لحقت بمحمد على يد بني هاشم في ذلك الوقت، كان محمد عند عودته من الطائف في حماية سيد قبيلة نوفل، أما القول بصحة الحادث لأن العباس يتكلم فيه ككافر فلا أساس له» «١» . ويمضي (وات) إلى الاستنتاج التالي: «كان الشرك في نظر المعارضين (في نهاية القرن الأول الإسلاميّ) أقلّ من العار، أما الرواية المنسوية لوهب بن منبّه والتي حفظت على ورق البردي فهي تميل إلى تأكيد الرأي الذي تقدّمنا به سابقا.

يمدح العباس محمدا في هذه الرواية، ثم يأذن محمد لأحد المدنيين بالرد على العباس ومؤاخذته مظهرا له أنهم يحسنون الظن بمحمد أكثر منه، ونشعر أنّنا أمام ردّ على دعاية العباسيّين، والافتراض الذي يبعث على الرضا هو أن زيارة العبّاس للعقبة اختراع محض استخدمته الدعاية العباسية» «٢» .

[٣]

ومسألة اضطهاد الزعامة الوثنية للمسلمين معروفة تماما.. ومتواترة إلى الحدّ الذي تغدو معه محاولة إثباتها عملا لا مسوّغ له.


(١) المصدر السابق نفسه، ص ٢٣٢.
(٢) المصدر السابق نفسه، ص ٢٣٢- ٢٣٣.

<<  <   >  >>