الأكاديميّة التخصصيّة بعامة، وما دام أن في بعض هذه البحوث لمحات منهجية وموضوعية قد تمنحنا المزيد من الإدراك لنسيج السيرة، وتعطينا المزيد من الأدوات المعينة على الفهم، فلا بأس أن نتعامل معها على هذا الأساس، وليس أبدا على اعتبار أنها صيغة مقبولة في التعامل الدراسي مع سيرة رسولنا عليه الصلاة والسلام.
ومن أجل ألّا يختلط الأسود بالأبيض، وتمرّر على العقل المسلم معطيات المستشرقين المنحرفة وأخطاؤهم المكشوفة أو المستترة، كان لا بدّ من تقديم العديد من الدراسات النقدية لهذه المعطيات، تكون بمثابة مصدر إنارة للمسلم في هذا الدرب المعتم الطويل..
[٧]
«إن (مونتغمري وات) يحاول ما وسعه الجهد أن يكون الباحث (الجديد) الذي يتجاوز أخطاء أسلافه ومعاصريه، بل إنه ليخطو خطوة أخرى، لم يسبقه بها أحد من أقرانه، فيسعى إلى التحقق بقدر من الاحترام والحيادية إزاء الجذور الغيبيّة لحقائق السيرة ووقائعها، يقول في مقدمة كتابه (محمد في مكة) : «فيما يتعلق بالمسائل الفقهيّة التي أثيرت بين المسيحية والإسلام فقد جهدت في اتخاذ موقف محايد منها، وهكذا بصدد معرفة ما إذا كان القرآن الكريم كلام الله أو ليس كلامه امتنعت عن استعمال تعبير مثل:(قال تعالى) ، أو (قال محمد) في كل مرة أستشهد فيها بالقرآن، بل أقول بكل بساطة:(يقول القرآن) .... وأقول لقرائي المسلمين شيئا مماثلا، فقد ألزمت نفسي، برغم إخلاصي لمعطيات العلم التاريخي المكرّس في الغرب، ألاأقول أي شيء يمكن أن يتعارض مع معتقدات الإسلام الأساسية» «١» .