سليم يقوم على أسس علميّة موضوعيّة لا يخضع لتحزّب أو ميل أو هوى..
ويمتلك عناصر جماليّته الخاصّة التي تليق بمكانة الرسول المتفرّدة، ودوره الخطير في إعادة صياغة العالم بما يردّ إليه الوفاق المفقود مع نواميس الكون والحياة..
وقد كانت مناهج البحث الغربيّ (الاستشراقيّ) في السيرة تفتقر إلى أحد هذين الشرطين أو كليهما.. وكانت النتيجة أبحاثا تحمل اسم السيرة وتتحدث عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحلّل حقائق الرسالة، ولكنها- يقينا- تحمل وجها وملامح وقسمات مستمدة من عجينة أخرى غير مادّة السيرة، وروح أخرى غير روح النبوّة.. ومواصفات أخرى غير مواصفات الرسالة.
إن نتائجها تنحرف عن العلم لأنها تصدر عن الهوى، وتفقد القدرة على مسامتة عصر الرسالة وشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، ونقل تأثيراتهما الجمالية بالمستوى العالي نفسه من التحقق التاريخي.. لأنها تسعى لأن تخضع حقائق السيرة لمقاييس عصر تنسخ كل ما هو جميل، وتزيّف كلّ ما هو أصيل، وتميل بالقيم المشعّة إلى أن تفقد إشعاعها وترتمي في الظلمة، أو تؤول إلى البشاعة!!.
[٣]
يجب أن نلاحظ أن الفهم الجادّ للسيرة يقتضي منهجا يقوم على طبقات أو أدوار أو شروط ثلاثة، وإن افتقاد أو تهديم أيّ واحد منها يلحق ضررا فادحا في مهمة الفهم هذه..
فأمّا الطبقة الأولى الأساسية فهي الإيمان، أو على الأقلّ احترام المصدر الغيبيّ لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم وحقيقة (الوحي) الذي تقوم عليه..