وموسوليني وغيرهما. وعليه يمكننا أن نقول: إنّ محمدا أجاد في وصف الأمراض الاجتماعية العربية وتعدادها أكثر منه في علاجها واستئصال جراثيمها» «١» .
وغير (بندلي جوزي) كثيرون.. وهم- للأسف- قد ازدادوا عددا مع الأيام، وكثّر من سوادهم تلامذتهم المنتشرون ها هنا في الشرق بين ظهرانينا، على الرغم من أنهم محسوبون ظاهرا- على ديننا وعقيدتنا- ولكنها (موضة) منهجية إذا صحّ التعبير، وتؤول إلى انحسار كما انحسرت من قبلها مدارس ومناهج وآراء وأفكار وفلسفات كانت قد سيطرت على المؤسسة والشارع في بلادنا تقليدا لهذا الفكر الدخيل أو ذاك، وتمسكا بهذا المنهج الوافد أو ذاك، ولكنها لهجانتها وغربتها عن الأرض التي تحركت فيها سرعان ما ذبلت وتيبّست وعصفت بها رياح الزمن ... والذي يتبقى أبدا هو المنهج الأصيل.
وها نحن نشهد تكسّر الموجة الجديدة، وتحوّل دعاتها أنفسهم إلى مواقف أكثر موضوعية واعتدالا بعد أن رأوا خطل ما كانوا فيه.
والذي يتبقّى، بعد هذا كلّه، بعد موجات الرهبان والمستشرقين والمادّيين.. بعد غبارهم الذي أثاروه ودخانهم الذي حجبوا به الرؤية الصافية.. الذي يتبقّى هو وقائع السيرة نفسها كما تكونت يومها في الزمان والمكان.. ويتبقى الشخصية الفذة لصانع هذه الوقائع وقائدها في الزمان والمكان.. رسول اختارته عناية الله لقيادة البشرية صوب الغد المرتجى..
ومع الرسول عليه الصلاة والسلام جيل من الرواد حملوا شرف الانتماء، واستجابوا للتحدّيات، وقدروا على أن يطووها بما يشبه الإعجاز، فليست