ثم إن (وات) الذي أعلن في مقدمته أنه سيمتنع عن استعمال تعبير مثل:
«قال تعالى» ، أو «قال محمد» ، بل «يقول القرآن» يعتمد ها هنا صيغا وتعابير يخالف فيها عما أكده في مقدمته، ويوحي للقارئ بأنّ محمدا صلى الله عليه وسلم هو الذي يرتب آيات القرآن وفق ما تقتضيه الظروف!! فنحن نقرأ عبارات كهذه:
«أعلن محمد أن هذه الآيات لا يجب اعتبارها جزآ من القرآن، ويجب استبدال آيات بها تختلف عنها في مضمونها» ، «كان يجب على محمد أن يشير في القرآن للآلهة اللات» ، «إن ذكر المعابد في الآيات الإبليسية دليل على أن نظرته أخذت في الاتّساع» !!.
وهذا تناقض آخر.. فإنّ (وات) ما يلبث أن يبيّن خطأ هذا الموقف وتعارضه مع المهمة الأساسية التي تلقّاها محمد عن الله؛ وهي التوحيد..
وحتى على المستوى الشخصيّ فإن الاعتراف بالآلهة كان سينزل بمحمد صلى الله عليه وسلم كما يقرّر وات- من مرتبة النبوة المتفردة إلى أن يكون مجرد كاهن من كهان العرب!! فأيّ اتساع هذا في النظرة من خلال اعتراف بالأصنام يقود إلى نتائج سلبيّة واضحة كهذه؟
ولنرجع إلى رواية (الآيات الإبليسية) أو قصة الغرانيق التي أوردها ابن سعد في طبقاته والطبري في تاريخه وبعض المفسّرين.. إلّا أن رواياتهم، كما يقول ابن كثير في تفسيره:«من طرق مرسلة كلّها، ولم أرها مسندة من وجه صحيح» !!
«وأكثر هذه الروايات تفصيلا وأقلّها إغراقا في الخرافة والافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية ابن أبي حاتم (التي ينتهي سندها إلى ابن شهاب) قال:
أنزلت سورة النجم وكان المشركون يقولون: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه، ولكنه لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشر. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتد عليه