للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إنه يقول بأن ليس من حق أصحاب محمد أن يستغربوا قبوله اللات والعزى ومناة، وأنه لم ير في ذلك خروجا على عقيدة الإسلام!! إذ كان عليهم ابتداء أن يدركوا بأنّ نبيّهم لم يكن يعرف يومها المضمون الكامل لعقيدة الإسلام.

بل إنّ (وات) يمضي خطوة أخرى بهذا الاتجاه، فيرى أن توحيد محمد كان في الأصل غامضا تماما، كما كان توحيد معاصريه المثقفين، ولم ير حتى ذلك الوقت؛ أي بعد مرور سنين طويلة على بدء دعوته القائمة على التوحيد المطلق، أن قبول هذه الأصنام يتعارض مع هذا التوحيد.

بل إن (وات) ليمضي أبعد من ذلك كله فيخلع صفة المخلوقات الإلهية على الأصنام الحجرية المرصوفة على قارعة كل طريق، ثم يجزم (وهو صاحب المنهج الشكّي في السيرة) بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعد اللات والعزى ومناة كائنات سماوية ولكنها أقل من الله!!

ألا يدرك هذا الباحث أنه في استنتاجاته التي تتميز بالغرابة والفجاجة يتناقض مع بداهات الإسلام ومسلماته التوحيدية التي انطلق بها الرسول صلى الله عليه وسلم منذ اللحظات الأولى.. وسوف يقاتل العرب جميعا من أجل الحفاظ على نقائها وتفرّدها؟

ولماذا يشكّ الرجل وينفي الكثير من وقائع السيرة التي لا ترتطم أو تتناقض مع الخط العام لحركة النبوة، بينما يقبل هذه الرواية الشاذّة الضعيفة المهلهلة، المدخولة التي ترتطم مع الأوليات والأسس والبداهات؟

ثم ما يلبث (وات) أن يبلغ حدّ التخليط الذي تنعدم معه الرؤية الصحيحة للأشياء عندما يقرن اعتراف محمد صلى الله عليه وسلم بالأصنام؛ «تلك الكائنات السماوية التي هي أقل من الله» باعتراف اليهودية والمسيحية بوجود الملائكة!!

<<  <   >  >>