للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه، ومن سأله حاجة.. لم يردّه إلّا بها أو بميسور من القول.

قد وسع النّاس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا وصاروا عنده في الحقّ سواء.

مجلسه مجلس حلم وحياء، وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته «١» . متعادلين، بل كانوا يتفاضلون فيه بالتّقوى، متواضعين، يوقّرون فيه الكبير، ويرحمون فيه الصّغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب.

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يمضي له وقت في غير عمل لله عزّ وجلّ، أو فيما لا بدّ له من صلاح نفسه.

وكان صلّى الله عليه وسلّم أحسن النّاس خلقا.

وكان صلّى الله عليه وسلّم دائم البشر، سهل الخلق.

وعرّفوا (حسن الخلق) بأنّه: مخالطة النّاس بالجميل، والبشر، واللّطافة، وتحمّل الأذى، والإشفاق عليهم، والحلم، والصّبر، وترك التّرفّع والاستطالة عليهم، وتجنّب الغلظة والغضب والمؤاخذة.

وعن عليّ كرّم الله وجهه: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أجود النّاس كفّا، وأوسع النّاس صدرا، وأصدق النّاس لهجة، وأوفاهم ذمّة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة. من راه بديهة.. هابه، ومن خالطه معرفة..

أحبّه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله [صلّى الله عليه وسلّم] .


(١) أي: لا تشاع ولا تذاع. هذا في ظاهر اللفظ: والأولى جعل النفي منصبّا على الفلتات نفسها، لا وصفها.. فالمعنى: لا فلتات فيه أصلا. وهو من نفي الشيء بإيجابه، وهو من مستطرفات علم البيان.

<<  <   >  >>