للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ مثلي ومثل هذا الأعرابيّ كمثل رجل كانت له ناقة شردت عليه فاتّبعها النّاس؛ فلم يزيدوها إلّا نفورا فناداهم صاحب النّاقة: خلّوا بيني وبين ناقتي، فإنّي أرفق بها وأعلم، فتوجّه لها صاحب النّاقة بين يديها، فأخذ لها من قمام الأرض فردّها هونا هونا حتّى جاءت واستناخت وشدّ عليها رحلها واستوى عليها، وإنّي لو تركتكم حيث قال الرّجل ما قال فقتلتموه دخل النّار» .

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كنت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعليه برد غليظ الحاشية، فجذبه أعرابيّ بردائه جبذة شديدة حتّى أثّرت حاشية البرد على صفحة عاتقه، ثمّ قال: يا محمّد؛ أحمل لي على بعيريّ هذين من مال الله الّذي عندك، فإنّك لا تحمل لي من مالك ولا من مال أبيك.

فسكت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قال: «المال مال الله، وأنا عبده» ، ثمّ قال: «ويقاد منك يا أعرابيّ «١» ما فعلت بي» . قال:

لا. قال: «لم؟» ، قال: لأنّك لا تكافئ بالسّيّئة السّيّئة.

فضحك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ أمر أن يحمل له على بعير شعير وعلى الاخر تمر.

وروى الطّبرانيّ وابن حبّان والحاكم والبيهقيّ عن زيد بن سعنة- وهو كما قال النّوويّ رحمه الله تعالى: أجلّ أحبار اليهود الّذين أسلموا- أنّه


(١) أي: أتجازى على ترك أدبك.

<<  <   >  >>