للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: لم يبق من علامات النّبوّة شيء إلّا وقد عرفته في وجه محمّد صلّى الله عليه وسلّم حين نظرت إليه، إلّا اثنتين لم أخبرهما «١» منه:

١- يسبق حلمه جهله، ٢- ولا تزيده شدّة الجهل عليه إلّا حلما.

فكنت أتلطّف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله، فابتعت منه تمرا إلى أجل، فأعطيته الثّمن، فلمّا كان قبل محلّ «٢» الأجل بيومين أو ثلاثة.. أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه [على عنقه] ، ونظرت إليه بوجه غليظ، ثمّ قلت: ألا تقضيني يا محمّد حقّي؟! [فو الله] إنّكم يا بني عبد المطّلب مطل.

فقال عمر: أي عدوّ الله؛ أتقول لرسول الله ما أسمع، فو الله لولا ما أحاذر [فوته] «٣» .. لضربت بسيفي رأسك.

ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينظر إلى عمر بسكون وتؤدة، وتبسّم.

ثمّ قال: «أنا وهو كنّا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر؛ أن تأمرني بحسن [الأداء] ، وأن تأمره بحسن [التّباعة] ، اذهب به يا عمر؛ فاقضه حقّه وزده عشرين صاعا مكان ما روّعته» . ففعل.

فقلت: يا عمر؛ كلّ علامات النّبوّة قد عرفتها في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حينما نظرت إليه، إلّا اثنتين لم أختبرهما: يسبق


(١) في نسخة: لم أجدهما.
(٢) أي: وقت.
(٣) وهو: بقاء الصلح بين المسلمين وبين قومه.

<<  <   >  >>