قوله:"أو شم طيباً" أي قصد شمه، يقول ابن القيم:"تحريم شم الطيب بالقياس، ولفظ النهي لا يتناوله بصريحه، ولا إجماع معلوم يجب المصير إليه، ولكن تحريمه من باب تحريم الوسائل، فيمنع منه للترفه واللذة، ومذهب الجمهور أن الشم يكره ولا يحرم، وفي الهدي لابن القيم: "يحضر على المحرم الشم إذا قصد من شم الطيب الترفه واللذة، وأما إذا وصلت الرائحة إلى أنفه من غير قصد، أو شمه بقصد استعلامه عند شرائه لم يمنع منه" أراد أن يشتري طيباً فشمه لينظر هل هو طيب وإلا وسط وإلا رديء، ابن القيم يقول: "فأما إذا وصلت الرائحة من غير قصد، أو شمه بقصد استعلامه عند شرائه لم يمنع منه، ولم يجب عليه سد أنفه، والأول بمنزلة نظر الفجأة" يعني لو تُصر أن شخص يدور بالمطاف معه مبخرة وإيش تسوي الطائف إذا كان محرم؟ نقول: ابتعد، نعم؟ هذا لم يقصد الشم، يقول: "والثاني: بمنزلة نظر الخاطب -يعني إذا شمه بغير قصد بمنزلة نظر الفجأة -يعني فيباح-، "والثاني: إذا قصد بشمه الاستعلام فهو بمنزلة نظر الخاطب" هذا من التنظير المطابق عند ابن القيم -رحمه الله تعالى-.
قوله:"أو تبخر بعود ونحوه" يقول البهوتي في الشرح: "ولو بخور الكعبة" يعني إذا قصد الشم لكن لو شمه من غير قصد كما يفعل بعض المحسنين من تبخير المطاف لا بأس به -إن شاء الله تعالى-.
أما وضع الطيب الذي له جرم على الحجر الأسود كما يفعله بعضهم فلا يجوز؛ لأن الناس يشرع لهم الاستلام، استلام الحجر، وإذا وضع الطيب فالمحرم بين أمرين: إما أن يترك الاستلام أو يمس الطيب وكلاهما خلاف الشرع؛ لأن الشرع شرع الاستلام ومنع من الطيب، شرع الاستلام ومنع من الطيب، فهذا المحسن في نظره أساء إلى غيره من المحرمين.
يقول:"أو تبخر بعود ونحوه فدى" أي فدية أذى على ما سيأتي في باب الفدية، وأنه مخير بين صيام ثلاثة أيام، وإطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، وسيأتي -إن شاء الله تعالى-.