وأشبه ما يكون مثل هذا الكتاب بالمنهج والخطة التي يسير عليها طالب العلم، يأخذ مسائل هذا الكتاب، وأبواب هذا الكتاب، وفصول هذا الكتاب، باباً باباً، فصلاً فصلاً، مسألة مسالة، فينظر في المسألة الأولى من الفصل الأول من الكتاب الأول، فيتصور هذه المسألة، ثم ينظر في دليلها، ومن قال بها من أهل العلم، ومن خالف، وينظر في دليل المخالف ويوازن بين هذه الأقوال من خلال أدلتها إذا كان أهلاً لذلك، وهذه مرحلة لاحقة، لا يدركها الطالب المبتدئ، فعلى الطالب المبتدئ أن يفهم، يكفيه أن يتصور هذه المسائل، ويسأل عما يشكل عليه، ويقرأ على شيخ يرجح له المسائل، وهذه الكتب – أعني المتون الفقهية - لا شك أن فيها بعض الأقوال المرجوحة، وإن كانت راجحة عند المؤلف، وفي هذا الكتاب ما يزيد على ثلاثين مسألة خالف فيها مؤلف الكتاب الراجح من المذهب، وهي راجحة بالنسبة لمؤلف الكتاب، ومؤلف الكتاب منزلته عند الأصحاب معروفة، حتى قالوا: إن المذهب عند المتأخرين ما اتفق عليه في الإقناع، وهو لصاحب الكتاب الحجاوي، والمنتهى، فإذا اتفق المنتهى والإقناع على حكم فهو المذهب عند المتأخرين، فصاحب الكتاب له شأن، وله منزلة عند الأصحاب، وهذا مما يرجح كتابه إضافة إلى صغر حجمه وكثرة مسائله.
أقول: على طالب العلم المبتدئ أن يعتني بمثل هذه الكتب، وغيرها من المتون في سائر الفنون، فينظر في مسائل الكتاب، ويستدل لها كما ذكرنا، وينظر في قول من خالف ودليله، ويوازن بين هذه الأقوال إذا تأهل لذلك، ثم يعتني بالقول الراجح ويعمل به، ويعمل بما يدين الله -سبحانه وتعالى- به.
الكتاب الذي قُرر شرحه في هذه الدورة هو:(كتاب الصيام)، وقبل أن نبدأ في شرح وتحليل ألفاظ الكتاب، نبدأ بمقدمة تشتمل على تعريف الصيام، وحكم الصيام، والحكمة من مشروعيته، وغير ذلك مما ينبغي التنبيه عليه.