إذا كانت المحظورات من جنس واحد من نفس الجنس حلق، حلق الشعر كرره مراراً، لبس المخيط كرره مراراً، هذه الحال تختلف عن الحالة الأولى، الأولى المحظور واحد، لكن مواضعه مختلفة من البدن، وهذا التكرر يفعل دفعة واحدة.
الحالة الثانية: أن يكون المحظور واحد في موضع واحد من البدن، لكنه يكرر، فمثل هذا إن كفر عن المرة الأولى لزمه التكفير ثانية، إن لم يكفر عن المرة الأولى وفعل المحظور ثانية تداخلت هذه الكفارات، وتداخل الكفارات معروف ومقرر عند أهل العلم، من حلف على شيء وحنث، ثم حلف عليه ثانية وحنث قبل أن يكفر تداخلت هذه الكفارات، مع أن بعضهم يفرق بين ما إذا كان الباعث على اليمين الأولى غير الباعث على اليمين الثانية، فإذا وطأ زوجته ثم كرر الوطء مرة ثانية وثالثة ولم يفدِ في ذلك كله للمرة الأولى تكفيه كفارة واحدة؛ لأن الكفارات تتداخل، سواء فعله متتابعاً أو متفرقاً؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- أوجب في حلق الرأس فدية واحدة، ولم يفرق بينما وقع في دفعة أو دفعات، وإن كفر عن الفعلة الأولى ثم أعاده لزمته الفدية ثانياً؛ لأنه ارتكب المحظور مرة أخرى، وهذا بخلاف الصيد ففيه ما يلزم بعدده ولو في دفعة واحدة؛ لقوله تعالى:{فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [(٩٥) سورة المائدة] رمى جماعة من الحمام فأصاب خمساً دفعة واحدة عليه إيش؟ خمس شياة، رمى حمامة ثم ثانية ثم ثالثة ثم رابعة ثم خامسة عليه خمس شياة لماذا لا تتداخل الكفارات؟ لأن المطلوب في جزاء الصيد المثل، ولا تتم المماثلة إلا بتمام العدد.
يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليه-: لكن بشرط ألا يؤخر الفدية لئلا تكرر عليه بحيث يفعل المحظور مرة أخرى، يطأ زوجته يقول: ما دام لزمت الكفار ننتظر ثانية وثالثة وخامسة إلى أن يعود، إذا أراد أن يعود أو إلى أن يباح له الوطء في التحلل الثاني يقول: ما دام لزمتنا كفارة نكرر يقول: مثل هذا ينبغي أن يعاقب بنقيض قصده؛ لئلا يتحيل على إسقاط الواجب والمعاقبة بنقيض القصد أمر مقرر عند أهل العلم، فمن قتل مورثه حرم الميراث، من قتل الموصي حرم الوصية وهكذا.