الفصل هذا في العقيقة، وهي تسمى عند عامة الناس التميمة، ويشكل على بعض العامة ما يسمعه من ذم التمائم فيلتبس الأمر هذا بذاك؛ لأن الحقائق العرفية إذا اختلفت مع الحقائق الشرعية أوجدت نوعاً من الإشكال، فعلى سبيل المثال عامة الناس يسمون المحروم الذي عنده الأموال لكنه يبخل على نفسه فلا ينفق عليه من هذه الأموال، وعلى هذا يمدحون من يتصدق على هذا المحروم؛ لأنه مدح من يتصدق على السائل والمحروم {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(٢٥) سورة المعارج] هذا المتعارف عليه عند الناس، لكن الحقيقة الشرعية للتمائم وللمحروم غير الحقائق العرفية، والعرفية هذه لا تستند لا إلى لغة ولا إلى شرع في هذا، إنما رأوا أن هذا الشخص متلبس بشيء من الحرمان، والتمائم لعلهم أخذوها من أن الله -سبحانه وتعالى- تمم خلقة هذا الإنسان الذي ولد، وتمم على أبويه هذه النعمة من هذه الحيثية، وإلا تسميتها الشرعية إما أن يقال: نسيكة، نسيكة المولود أو عقيقة.
والعقيقة في الأصل شعر كل مولود، العقيقة في الأصل شعر كل مولود من الناس والبهائم الذي يولد وهو عليه، الشعر الذي يولد المولود، وهو عليه يسمونه عقيقة، هذا قاله الجوهري في صحاحه، ونقل الأزهري عن أبي عبيد أن الأصمعي قال: هي الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد، سميت الشاة المذبوحة عقيقة على عادتهم من تسمية الشيء باسم سببه، ثم اشتهر ذلك فلا يفهم منها عند الإطلاق غيرها، اشتهرت هذه التسمية فلا يفهم من هذه اللفظة عند الإطلاق (العقيقة) غير هذه الشاة التي تذبح من أجل الولادة، الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أنكر هذا التفسير فيما ذكره ابن عبد البر، وفسرها بأنها الذبح نفسه، العقيقة الذبيحة، والعق: الذبح والشق؛ لأن أصل العق القطع، ومنه عق فلان والديه أي قطعهما، فلم يصلهما بما أوجب الله لهما من حقوق، والذبح قطع الحلقوم والمريء.
وفي الاصطلاح: ما يذبح من الغنم شكراً لله تعالى على نعمة الولد، أو يقال: ما هو أهم من ذلك ما يذبح من النعم شكراً لله تعالى على نعمة الولد، والذي يقول: يجزئ غير الغنم على ما سيأتي يقول: النَعم، وعلى كل حال الأمر سهل.