روى الإمام أحمد وغيره من حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه- قال:((أفطر الحاجم والمحجوم)) والحاجم من حجم غيره، والمحجوم من فعلت به الحجامة، والحجامة المراد بها إخراج الدم من المحجوم سواءً قل الدم أم كثر، وسواءً كانت في الرأس أو في الكتفين أو في أي مكان من البدن.
وحديث شداد بن أوس صححه الإمام أحمد والبخاري وشيخ الإسلام ابن تيمية وجمع من الحفاظ، وضعفه آخرون، وقال بموجبه جمع من الفقهاء، وقالوا: إن هذا من باب التعبد.
وروى الإمام البخاري في صحيحه أن أنس -رضي الله عنه- سئل: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف.
وأوضح شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الحكمة من ذلك فقال:"أما المحجوم أما المحجوم فالحكمة هو أنه إذا خرج منه الدم أصاب بدنه الضعف الذي يحتاج معه إلى غذاء لترد عليه قوته؛ لأنه لو بقي إلى آخر النار على هذا الضعف فربما يؤثر على صحته في المستقبل، فكان من الحكمة أن يكون مفطراً" فعلى هذا لا تجوز الحجامة للصائم في الفرض إلا عند الضرورة، يعني أفطر يعني صار مآله إلى الفطر؛ لأنه يضعف، يضعف فيصير مآله إلى الفطر، وليس معناه فطراً حقيقياً.
وأما الحكمة بالنسبة للحاجم فقال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله-: "إن الحاجم عادة يمص قارورة الحجامة وإذا مصها فإنه سوف يصعد الدم إلى فمه، وربما وصل إلى حلقه، ونزل إلى جوفه وهو لا يشعر وهذا هو الغالب".
إذا ً الحجامة سواءً كانت من الحاجم أو المحجوم ليست مفطرة لذاتها، وإنما هي مظنة للتفطير، وليست مفطرة.
جمهور العلماء ذهبوا إلى أن الحجامة لا تفطر الصائم، لما روى البخاري وغيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وهو صائم، الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- يرى أن حديث ابن عباس ناسخ لحديث شداد بن أوس السابق:((أفطر الحاجم والمحجوم)).