يعني لو قال قائل من المالكية وهم لا يقولون بذلك لكن للتنظير لو قال قائل من المالكية: الجمار الذي سبق رمي بها لا تجزئ؛ لأنها مستعملة كالماء المستعمل، نقول: مذهبك أيها المالكي الأصل لا يعترف به، الماء المستعمل عنده طهور، عند مالك، فكيف تقيس فرع على أصل ليس بثابت عندك، وعلى هذا ينبغي أن لا يطرح أيضاً هذا في المناظرة، لو أن حنبلياً أو شافعياً قال للمالكي: يا أخي الجمار المستعملة لا يجوز استعمالها قياساً على الماء، يقول لك: أنا لا أوافقك في الأصل فضلاً عن الفرع، فمثل هذا فيما ذكره الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- يقول:"جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه - صلى الله عليه وسلم- إنما قال:((أفطر الحاجم والمحجوم)) لأنهما كانا يغتابان الناس، قال: فإذا قيل: فالغيبة تفطر الصائم؟ قال: لا، وعلى كل حال فالقول بالنسخ له وجه، يعني مثل ما قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- لا سيما مع ما ورد من حديث أبي سعيد، قال: " أرخص النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحجامة للصائم " وإسناده صحيح، فوجب الأخذ به؛ لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، [والحديث مخرج في النسائي وابن خزيمة والدارقطني، قال ابن حجر: ورجاله ثقات].
عرفنا أن رأي الشيخ - رحمه الله تعالى - الشيخ عبد العزيز أن الحجامة إيش؟ تفطر الصائم على الصحيح من قولي العلماء، هذا كلامه -رحمه الله-.
يقول -رحمه الله-: "يقاس على الحجامة ما كان بمعناها مما يفعله الإنسان باختياره، فيخرج منه دم كثير يؤثر على البدن ضعفاً فإنه يفسد الصوم كالحجامة؛ لأن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الشيئين المتماثلين، كما أنها لا تجمع بين الشيئين المتفرقين".
التبرع بالدم الكثير الذي يؤدي إلى ضعف البدن يفطر كالحجامة، هذا عند الشيخ، وأما الذين يقولون بأن الحجامة لا تفطر فعندهم هذا من باب أولى.
وقال: "لا حرج على الصائم في تحليل الدم عند الحاجة إلى ذلك، ولا يفسد الصوم بذلك، أما التبرع بالدم فالأحوط تأجيله إلى ما بعد الإفطار؛ لأنه في الغالب يكون كثيراً فيشبه الحجامة.