سميت ليلة القدر بذلك لأنها ليلة ذات قدر، لنزول القرآن فيها، أو لما يقع فيها من تنزل الملائكة، أو لما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة، أو لأن الذي يحييها يصير ذا قدر، وقيل: القدر هنا بمعنى القدر، القدر بإسكان الدال بمعنى القدر بفتحها الذي هو مؤاخي قضاء، والمعنى أنه يقدر فيها أحكام تلك السنة لقوله تعالى:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}[سورة الدخان: ٤]، وبه صدر النووي كلامه فقال: قال العلماء: "سميت ليلة القدر لما تكتب فيها الملائكة من الأقدار لقوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} ".
قال ابن عباس - رضي الله عنهما- في قوله تعالى:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}: يكتب من أم الكتاب ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر، والأرزاق والآجال حتى الحاج وإنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى.
وقال ابن الجوزي في زاد المسير:"أن ذلك ليلة النصف من شعبان، والرواية عنه بذلك مضطربة، وقد خولف الراوي لها، فروي عن عكرمة أنه قال في ليلة القدر، وعلى هذا جرى المفسرون". يعني ما يذكر أن معنى قوله:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} في ليلة النصف من شعبان ضعيف لا يثبت، قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: والحديث الذي رواه عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل عن الزهري، أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال:((تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد أخرج اسمه في الموتى)) قال: هو حديث مرسل ومثله لا تعارض به النصوص.
وعلى هذا فليس لليلة النصف من شعبان مزية، على غيرها من الليالي، وما رواه ابن ماجه عن علي عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلاً فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا حتى يطلع الفجر)) [فهو حديث ضعيف]، وجمهور العلماء على تضعيف جميع ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان.