للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقرأ ابن زيد {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} ١. قال العماد ابن كثير: "وهذا لا خلاف فيه بين المفسرين". وذكره عن عدة من أئمة التفسير.

قال العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى -: في هذه الآية ذكر المقامات الثلاث: الحب، وهو ابتغاء التقرب إليه. والتوسل إليه بالأعمال الصالحة. والرجاء والخوف. وهذا هو حقيقة التوحيد وحقيقة دين الإسلام كما في المسند عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال للنبي صلي الله عليه وسلم: "والله يا رسول الله ما أتيتك إلا بعدما حلفت عدد أصابعي هذه أن لا آتيك، فبالذي بعثك بالحق ما بعثك به؟ قال: الإسلام. قال: وما الإسلام؟ قال: أن تسلم قلبك وأن توجه وجهك إلى الله، وأن تصلي الصلوات المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة " وأخرج محمد بن نصر المروزي من حديث خالد بن معدان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " إن للإسلام صوى ومنارا كمنار الطريق٢ من ذلك أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " ٣ وهذا معنى قوله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}


١ يعني أن جميع الصالحين الذين يدعوهم المشركون ويستغ يثون بهم إما توسلا إلى الله ليقضي حوائجهم, وإما استقلالا, بأن يطلبوا منهم قضاء الحاجة معتقدين بأن الله وهبهم التكوين والتصرف، أولئك الصالحون مشتغلون بأنفسهم يدعون الله لها ويتوسلون إليه بعبادته مخلصين له الدين خائفين عذابه راجين رحمته, وإذا لم يملكوا لأنفسهم نفعا ولا دفع ضر, فكيف يملكون لغيرهم ضرا أو نفعا؟ .
٢ الصوى: الأعلام المنصوبة من الحجارة في المفازة المجهولة يستدل بها على الطريق, واحدتها صوة - كقوة- أراد أن للإسلام طرائق وأعلاما يهتدى بها.
٣ حسن: أحمد (٥/٣) "من طريق أبي قزعة الباهلي عن حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه وليس عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده كما وهم ابن القيم وإسناده حسن ". أفاده الدوسري في النهج السديد (٣٢٨) ورواه الحاكم (١/ ٢١) بمعناه من حديث أبي هريرة. وصححه الألباني في الصحيحة لطرقه (٣٣٣) وفي تخريج الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام رقم (٣) .

<<  <   >  >>