للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٣ - ترك الدّعوة موجب للهلاك:

ولما كانت الدعوة إلى الله تعالى هي سفينة النجاة الأخيرة للأمة كان ولا بُدَّ من وقوعها على أفراد من هذه الأمة وهو ما يُعبِّر عنه أهل الأصول بفروض الكفايات، فإذا تعطل هذا الفرض الكفائي أثمت الأمة جميعاً، وإذا فرغَ المجتمعُ من دعاةٍ إلى الله مرشدينَ إلى دينِه؛ آل هذا المجتمع إلى بناءٍ تهاوت دعائمهُ، فيتهاوى هو الآخرُ من وراءِ ذلك، كيفَ لا؟! وإنَّ ربّنا جلَّ جلالهُ ليقول: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة آل عِمرَان: ١٠٤] أي: ولتكن منكم أيها المؤمنون طائفة متميّزة تقوم بالدعوة إلى الله، فتبذل أقصى طاقتها وجهدها في الدعوة إلى الخير الذي يصلح من شأن الناس، وفي أمرهم بالتمسك بتعاليم الإسلام وأخلاقه السَّمحة، وفي نهيهم عن المنكر الذي يأباه شرع الله ويمقته.

فإذا أهملت هذه الدعوة واستطاع أهل الباطل أن يَدكُّوا بمعاول باطلهم سفينة النجاة، فلم يُؤخَذ على أيدهم وتُكْسَر معاوِلُهم، فإنَّ الغرق سيُهدّد المجتمعَ بأكمله. قال صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخلَ النَّقصُ عَلى بَنِي إِسرائيلَ أَنهُ كَانَ الرَّجلُ يَلقَى الرَّجلَ فيَقولُ: يَا هذَا! اتِّقِ اللهَ ودَعْ مَا تَصنعُ فَإنهُ لَا يَحلُّ لَكَ، ثُمَّ يَلقاهُ مِنَ الغَدِ فلَا يَمنعهُ ذلكَ أنْ يَكونَ أَكيلهُ وشَريبهُ وقَعيدهُ، فلمَّا فَعلُوا ذلكَ ضَربَ اللهُ قُلوبَ بَعضهمْ ببَعضٍ». قال الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} ثم قال: «كلَاّ واللهِ لتأمُرنَّ باِلمعروفِ، ولتَنهونَّ عنِ المُنكرِ، ولتأخُذنَّ عَلى يَدِ الظَّالمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا أَوْ ليَضربنَّ اللهُ بقُلوبِ بَعضكمْ عَلى بَعضٍ، ثُمَّ يلْعنكمْ كَمَا لَعنهمْ». [أخرجه أبو داود والترمذي].

<<  <   >  >>