هم نفر من قبيلة خزاعة أصحاب بأس وشدة وكثرة عدد، ولقد عز على زعيمهم الحارث بن أبي ضرار أن يرى محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - يبلغ المكانة الرفيعة بين العرب ويتبوأ تلك المنزلة السامية وأن يشتد ساعده مع أنصاره وأصحابه إلى درجة كبيرة جعلت كل الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها، ترهب جانبه وتدين له بالطاعة، عز عليه ذلك وثارت عنجهيته الجاهلية وغطرسته القبيلية، فقام بهم إلى المدينة لقتال المسلمين في عقر دارهم.
قرر ذلك دون أدنى تقدير لما يمكن أن تجره عليه وعلى قبيلته هذه النزوة الجاهلية والعصبية العشائرية الجياشة حبًا للزعامة ورغبة بالتسلط والسيطرة، وكم من مغرور أمثال الحارث في الماضي والحاضر يحاول أن يهدم هذا الدين ويتعرض للدعوة وأصحابها وأتباعها بالتسلط والإيذاء فلا يلبث أن يزول وينتهي على صورة العبرة والموعظة والدرس البليغ لغيره من بعده.
[القائد المظفر الناجح - صلى الله عليه وسلم -]
إن التحليل الموضوعي الصادق لشخصية النبي - صلى الله عليه وسلم - من الناحية القيادية العسكرية يثبت دون أدنى ريب أنه كان على أعلى المستويات في هذا المضمار، فقد أرسل - عليه الصلاة والسلام - أحد أعوانه ممن كان يكلفهم بمهمات المخابرات يستطلع