أدنى الناس من فراشه، تتأمل وجهه الشريف، وتذكر الأيام الخالية ثم تبكي، ولكن دون نحيب أو عويل.
وعاد كل إلى داره ومأواه .. وعادت جويرية إلى حجرتها، إلى وحدتها، وليس لها من أنيس أو جليس سوى اتصالها الدائم بالله - تعالى - عن طريق عبادتها قيامًا وصيامًا.
[ومرت الأعوام]
فكان شأنها - رضي الله عنها - شأن أمهات المؤمنين جميعًا موضع حفاوة واحترام وتقدير من أجلاء الصحابة.
تصلها أعطياتها ومخصصاتها من بيت المال فتنفقها كلها على المساكين والمحتاجين والفقراء والمعوزين تأسيًا بسيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - الذي علمهن أعظم المثل وأسمى الدروس، وكانت - رضي الله عنها - تقصد الحج عندما يؤذن المؤذن بالرحيل، فتؤدي المناسك بقلب طاهر خاشع ثم تعود إلى المدينة حيث مستقرها بجوار الحبيب - صلى الله عليه وسلم - فتقيم في حجرتها عابدة خاشعة، وتستأذن في زيارة الرمس الطاهر بين الحين والحين؛ لتقف عنده بكل صفائها وحبها واحترامها مسترجعة أيام الذكرى متشوقة ليوم اللقاء في الجوار الكريم.
[موقفها من الفتن]
وعصفت في أيام خلافة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - الفتن بالمسلمين وأطلت على الأمة برؤوس كالشياطين فوقفت جويرية - رضي الله عنها - في الخصومات موقف المحايدة الحريصة على وحدة