للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكان عليه الصلاة والسلام يكره القيام له كراهية شديدة، حتى كانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك وشدته عليه وقال عليه الصلاة والسلام: (من أحب أن يتمثل الناس له قياما ليتبوء مقعده من النار) .

وما صام شهرا كاملا إلا رمضان، وربما أفطر فيه، يعني في السفر، ورغب عليه الصلاة والسلام في صوم يوم عاشوراء وإكثار الصيام في شهر محرم، قال: (ما من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام العشر - يعني عشر ذي الحجة - قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) وقال: (من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله) ، وقد كره مالك وصلها بالشهر بعد يويم الفطر، ولم يكرهه غيره، نعم قد يتفق على الكراهة لما أحدث من تسمية يوم سابع العيد بعيد الأبرار لما يترتب على ذلك من مفهوم هذا الكلام وغيره، ولا حاجة للمؤمن في مندوب ربما أدى إلى محرم أو مكره.

ومن السنة: التقصير في السفر، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: صلاة السفر ركعتانن فمن خالف السنة كفر - يعني والله أعلم - تعاونا بها، واحتقارا لها بعد تحققها.

كذا التفريق بين التيمم والوضوء عند تعين كل منهما في محله، إذ الأمر بهما من رب واحد، فكما وجب هذا في محله، وجب هذا في محله، فوجب أن يكون المسلم طيب النفس، بكل منهما على السواء.

والزهد في الدنيا أصل كل الخير، وليس الزهد بتحريم الحلال ولا بإضاعة المال، وإنما الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك، وقال الصديق رضي الله عنه: علامة خروج الدنيا من القل، بذلها عند الوجود، ووجود الراحة منها عند الفقد.

وأخلاق السنة، وآدابها كثنيرة، فمن أراد تحقيقها فليطالع آخر آداب الكسب من إحياء علوم الدين.

الفصل الثاني

إكرام قرابته

وأما إكرام قرابته صلى الله عليه وسلم فقد قال الله تعالى: (قُل لا أَسئَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إِلاَّ المَوَدَّةَ في القُربى) ، قال ابن عباس: يعني لا تؤذوا قرابتي.

وقال عز من قائل: (إِنَّما يُريدُ اللَهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيرا) قال بعض العلماء رضي الله عنهم: يعتقد في أهل البيت أن الله تجاوز عن جميع سيئاتهم، لا بعمل عملوه ولا بصالح قدموه، بل بسابق عناية من الله، فلا يحل لمسلم أن يشنأ، ولا أن ينتقص عرض من شهد الله بتطهيره، وذهاب الرجس عنه، وما نزل بنا من قبلهم من الظلم، والجور، فننزله منزلة القضاء الوارد من الله تعالى، كالغرق، والحرق، ونحو ذلك، إذ لهم من الحرمة ما لسيدهم الذي نسبوا إليه، وقد قال تعالى: (إِنَّ الَّذَينَ يُبايِعونَكَ إِنَّما يُبايِعونَ الله) وقال عز من قائل: (النَّبِيُّ أَولى بِالمُؤمِنينَ مِن أَنفُسِهِم) .

فأما قوله تعالى: (مَن يَأتِ مِنكُنَّ بِفاحِشَةِ) .

فمقابله (وَمَن يَقنُت مِنكٌنَّ) .

نعم وهو تعليق حكم، بفعل هن بريئات منه.

نعم ولا يلوم من الوعيد المطلق نفوذه لا سيما في جان دليل فيه على خلاف ذلك.

وما توجه عليهم من الحدود، والتعزيزرات، فأيدينا فيه يد الله، ونحن فيه معهم، كالعبد مع ابن سيده.

قال بعض العلماء: إذا كان الله تعالى وصى بأولاد الصالحين فقال: (وَكانَ أَبوهُما صالِحاً) فما ظنك بأولاد الأولياء، وإذا كان ذلك في أولاد الأولياء، فما ظنك بأولاد الشهداء، وإذا كان ذلك في أولاد الشهداء فما ظنك بأولاد الصديقين، وإذا كان ذلك في أولاد الصديقين فما ظنك بأولاد النبيين، وإذا كان ذلك بأولاد النبيين فما ظنك بأولاد المرسلين، وإذا كان ذلك بأولاد المرسلين، فما عسى أن تعبر به عن أولاد سيد المرسلين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (قدموا قريشا ولا تقدموها) وقال: (لا تؤذوني في عائشة) وقال: (لا تسبوا أصحابي، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) .

والصواب أن يزيد بن معاوية فيما صنع من كبار عصاة المؤمنين، إا أن يصح أنه إنما فعل ذلك، تهاونا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكافر.

وكذلك الحجاج، ولا التفات لمن قال بكفره، وقد قال ابن سيرين رحمه الله: ويل للناس من الحجاج وويل للحجاج من الناس، وقال بعض السلف: إن الله ينتقم من الناس للحجاج، كما ينتقم من الحجاج للناس.

<<  <   >  >>