وقال عليه السلام: (إذا حدثك الرجل ثم التفت فهي أمانة) وقال عليه السلام: (المستشار مؤتمن وهو بالخيار ما لم يتكلم) وهذا فيما لا تعلق الحق الغير به، فإذا شوور على غصب مال، وقتل نفس، أو الزنى بأهله، وجب تحذيره، بقدر الإمكان، ما لم يؤد إلى ضرر أعظم.
وتباح النميمة لتفريق كلمة الكفار والفساق.
ويحرم ذكر حال الزوجة في فراشها، إذ هي أمانة عند الزوج، وقد عظم النبي صلى الله عليه وسلم أمر ذلك. وسئل ابن عمر عن سبب أمر وقع بينه وبين زوجته فقال: قبيح بالرجل أن يفشي سر أهله، ثم سئل عن سبب طلاقها فقال: لا يحل الكلام فيمن هي أجنبية عني.
وقد سمى الله النمام فاسقا فقال: (إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا) فلا يحل لمسلم نقل السماع عنه لفسقه، إلا بعد التثبت والتبين، ويقال: من نقل لك، نقل عنك، ومن قال لك قال فيك.
الفرع الرابع
الباطل
وأما الباطل: فكل شيء ليس من الحق، ولا يهدي إليه، قال الله سبحانه: (فَماذا بَعدَ الحَقِ إِلاّ الضَّلَل) .
ومن الباطل: السحر، والطلسمات، والعزائم، والأشكال، والموالد، والخط والفأل، والقرعة.
قيل: والمنطق والجدل، والكلام، والموسيقى، يريد إذا لم يكن الأربعة مقصودة لرد باطل أو إثبات حق، فلا يحل الكلام لمسلم في ذلك، تعلما، وتعليما، إلا لذلك. ولا بأس في ذلك بحثا ونظرا، من غير تعمد لمن كمل عقله وعلمه، وفرغت نفسه عن الهوى.
وفي الصحيح: (إِذا ذُكر القدر فأمسكوا) واتفق مالك والشافعي وأحمد وسيفان وأبو يوسف على تحريم الكلام في علم الكلام. وقال بعض شيوخنا: ليس في التوحيد مشكل إلا الكلام والرؤية والقدرة الاكتسابية، وكل ذلك يعتقد فيه الحق ولا يتعرض لما وراء ذلك من الشبه فلم يتكلف السلف رضي الله عنهم الكلام في التلاوة والمتلو، ولا في الاسم والمسمى، ولم يتكلفوا تأويل الصفات السمعية المعارض ظاهرها للمعقول بل يعتقدون كمال التنزيه، وفي التشبيه، ويقولون فيها ما قال مالك في الاستواء إذ قال: الاستواء معقول، والكيف غير معقول، والإيمان به واحب والسؤال عنه بدعة، وقد سئل الحسن رضي الله عنه عن الله فقال: إن سألت عن ذاته فليس كمثله شيء، وإن سألت عن صفاته فهو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وإن سألت عن أسمائه فهو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم، وإن سألت عن أفعاله فكل يوم هو في شأن.
وقال الباجي عن شيخه السمناني: إن القول بأن النظر أول الواجبات مسألة من الاعتزال بقيت في المذهب على من اعتقدها نقلها ابن أبي جمرة وقال بعض العلماء: ن أردت السلامة في اعتقادك، فلا تتبع الشبه، ولا تطلب الكيفيات في أمور الآخرة.
ومن القبيح ما يقع للعوام، وينبغي للطالب، بل يجب عليه التحرز منه، ألفاظ منها: قولهم: إذا كان في السماء من يحميه، ما في الأرض من يؤذيه. وقولهم، عند وقوع نازلة، أو اعتراض عارض: أي شيء عملت تحت الله، وهذا مع كونه مشعرا بالجهة، مؤذن باعتقاد نسبة الظلم إلى الله تعالى.
وقولهم: يا حليما، لا يتعجل.
وإطلاق أشياء في أسماء الحق تعالى، مما لم يسم نفسه بها في كتابه، أو على لسان نبيه، وإن كان ذلك ثابتا معناه له تعالى، فالصحيح، أنه لا يجوز أن يسمى، إلا بما سمى به نفسه وإن كان مشتقا من أسمائه، ولا خلاف في منع غير المشتق، حتى قال بعضهم: إنه لا يجوز إطلاق الصفة في حقه تعالى، وإن كانت الصفات ثابتة له، إذ لم يطلقها على نفسه.
ومن ذلك، نسبة بعض الألفاظ المعجمة المجهولة المعنى، إلى أنها أسماؤه تعالى، حتى ربما فضلها بعض الجهال على المعربة لما يشاهد من خاصيتها، وقد سئل مالك عنها فقال: وما يدريك لعلها كفر، نقله المازري وكان بعض المسلمين يعزم على جان بحضرة بعض النصارى، وكان يضحك منه، فسأله عن ذلك، فقال: عجبا منك تسب ربك ونبيك، وأنت تظن أنك في شغل من ذلك.