"والنسخ يكون للحكم والتلاوة" للحكم والتلاوة يعني آية تتلى، تنزل على النبي -عليه الصلاة والسلام- فيتلوها ويتلوها الصحابة، ويعرف أنها من القرآن ثم بعد ذلك يرتفع حكمها وتلاوتها، مثل آية الرضاع، كان فيما أنزل الله تعالى:"عشر رضعات معلومات" فنسخن بخمس معلومات، هذه رفع حكمها وتلاوتها، "ولأحدهما" للتلاوة دون الحكم، للتلاوة فقط والحكم باقٍ كآية الرجم:"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة"، هذه رفعت تلاوتها وأما حكمها فهو باقٍ ومجمع عليه، أعني رجم الزاني المحصن.
"وعكسه رفع الحكم دون التلاوة، وهو كثير" رفع الحكم دون التلاوة مع بقاء التلاوة كثير.
قد يقول قائل: ما الفائدة من النسخ، والله -سبحانه وتعالى- يعلم المصالح، وما سيؤول إليه الأمر؟ لماذا لا يقرر الحكم الأخير من البداية؟
نقول: الحكم المناسب في وقت نزول المنسوخ نعم هو ما يقرره النص المنسوخ، يعني يصلح هذا الحكم لهذا الظرف، لكن بعد وقت هذا الحكم لا يصلح لهذا الظرف، نعم، فمثلاً آية إقرار شرب الخمر مثلاً في بداية الأمر، والتساهل فيه ثم التدريج في نسخه، يعني في مثل قوله -جل وعلا-: {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى} [(٤٣) سورة النساء]، هذا نهي عن قربان الصلاة وقت السكر، لكن هذه الآية نسخت {فَاجْتَنِبُوهُ} [(٩٠) سورة المائدة] فالمناسب في أول الأمر أن يؤتى بالتدريج، يكون النسخ تدريجي؛ لأنهم ألفوا هذا الداء، ألفوه ويصعب اجتثاثه منهم، نعم، لكن لما جاء الظرف المناسب منع بالكلية.