يقول:"فبغير ذلك من ألواح أو أحجاز أو خشب يقيه التراب، ثم يهال عليه التراب، ويستحب أن يقال عند ذلك: بسم الله، وعلى ملة رسول الله، ويرفع القبر قدر شبر" فقط، لا يزاد على الشبر عن الأرض؛ لأنه إذا أشرف وزاد على ذلك فقد أمرنا بتسويته، قد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- علي بن أبي طالب ألا يرى قبراً مشرفاً إلا سواه "ويوضع عليه حصباء إن تيسر ذلك" لأنها تحفظ التراب من أن تذروه الرياح "ويرش" بالماء لكي يثبت.
"ويشرع للمشيعين أن يقفوا عند القبر، ويدعو للميت -يدعون له بالتثبيت- لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه" لا سيما إن كان من الصالحين، فيتأكد في حقه أن يقف عند القبر، ويدعو للميت "وقال: ((استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل)) ".
ثم قال الشيخ -رحمه الله تعالى-: "تاسعاً: ويشرع لمن لم يصل عليه أن يصلي عليه بعد الدفن؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك، على أن يكون ذلك في حدود شهر فأقل" النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على القبر بعد شهر، فأخذ منه أهل العلم الحد إلى شهر؛ لكن هل في هذا ما يدل على أنه لا يصلى عليه بعد ذلك؟ هذا وقع من النبي -عليه الصلاة والسلام- اتفاقاً، وليس فيه ما يدل على أنه لا يزاد على ذلك.
يقول:"لأنه لم ينقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى على قبر بعد شهر من دفن الميت" يعني كونه فعل بعد شهر لا يعني أنه لا يزاد على الشهر، وإن اقتصر على الشهر كما اختاره الشيخ -رحمه الله- فلا بأس.
"عاشراً: لا يجوز لأهل الميت أن يصنعوا طعاماً للناس، لقول جرير بن عبد الله البجلي الصحابي الجليل -رضي الله عنه-: "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة" رواه الإمام أحمد بسند حسن".
أما صنع الطعام لهم يعني كون غيرهم يصنع الطعام لهم، ولو شاركهم بعض الوافدين عليهم لا بأس، ما لم يكن الطعام من الميت، أو من مال الميت أو من أهله.