للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقصاص يَوْم الْحَشْر الْأَعْظَم:

قَالَ: وَحَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عبد الله بن مُحَمَّد بن عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يُحْشَرُ الْعِبَادُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً غُرْلا بُهْمًا١. قَالَ: فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ من قرب: أَنا الْملك الدَّيَّانُ، لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ، وَلا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ حَتَّى أَقُصُّهُ مِنْهُ".

قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنَا الْمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِلَى أَهْل الْكُوفَةِ يَبْعَثُونَ إِلَيْهِ رَجُلا مِنْ أَخْيَرِهِمْ وَأَصْلَحِهِمْ، وَإِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَذَلِكَ، وَإِلَى أهل الشَّام كَذَلِك، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ عُثْمَانَ بْنَ فَرْقَدٍ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ الْحَجَّاجَ بْنَ علاط كلهم سميون. قَالَ: فَاسْتَعْمَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ على خراج أرضه.

ترضية الْعمَّال من بَيت المَال حَتَّى لَا تستشرف نُفُوسهم إِلَى مَال الدولة:

قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْيَاخُنَا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَنَّسْتَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا أَبَا عُبَيْدَةَ إِذَا لَمْ أَسْتَعِنْ بِأَهْلِ الدِّينِ عَلَى سَلامَةِ دِينِي فَبِمَنْ أَسْتَعِينُ؟ قَالَ: أَمَا إِنْ فَعَلْتَ فَأَغْنِهِمْ بِالْعِمَالَةِ عَنِ الْخِيَانَةِ، يَقُولُ: إِذَا اسْتَعْمَلْتَهُمْ عَلَى شَيْءٍ فَأَجْزِلْ لَهُمْ فِي الْعَطَاءِ وَالرِّزْقُ لَا يَحْتَاجُونَ.

قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ: بَعَثَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ عَامِلَ حِمْصٍ هَلَكَ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَالْخَيْرُ قَلِيلٌ، وَقَدْ رَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ فدعوتك لأستعملك عَلَيْهَا، وَفِي نفس مِنْكَ شَيْءٌ أَخَافُهُ وَلَمْ أَرَهُ مِنْكَ وَأَنَا أَخْشَاهُ عَلَيْكَ؛ فَمَا رَأْيُكَ فِي الْعَمَلِ؟ قَالَ قُلْتُ: فَإِنِّي لَا أَرَى أَنْ أَعْمَلَ لَكَ عَمَلا حَتَّى تُخْبِرَنِي بِمَا فِي نَفْسِكَ. قَالَ: وَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أُرِيدُ إِنْ كُنْتُ بَرِيئًا مِنْ مِثْلِهِ عَرَفْتُ أَنِّي لَسْتُ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِنْ كُنْتُ مِمَّنْ أَخْشَى عَلَى نَفْسِي خَشِيتُ عَلَيْهَا مِثْلَ الَّذِي خَشِيتَ عَلَيَّ؛ فَقَلَّمَا رَأَيْتُكَ ظَنَنْتَ شَيْئًا إِلا جَاءَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ.

فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنِّي أَطْمَحُ حَالَكَ أَنَّكَ لَا تَجِدُنِي إِلا قريب الْجد وَإِنِّي خشيت


١ أَي كَمَا خلقُوا أول مرّة لَيْسَ فيهم شَيْء من العاهات الَّتِي حدثت لَهُم؛ حَتَّى القلفة الَّتِي تقطع من ذكر الصَّبِي يعود النَّاس بهَا.

<<  <   >  >>