للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أنا سيد ولد آدم....)) الحديث. رواه مسلم، وأبو داود.

قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -:

(قد يتوهم كثير من الناس أن بين الحديثين خلافاً.

وذلك: أنه قد أخبر في حديث أبي هريرة: أنه سيد ولد آدم. والسيد أفضل من المسود. وقال في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: ((ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس ابن متَّى)) .

والأمر في ذلك بيِّن، ووجه التوفيق بين الحديثين واضح: وذلك أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا سيد ولد آدم)) ، إنما هو إخبار عما أكرمه الله به من الفضل والسؤدد، وتحدُّثٌ بنعمة الله عليه، وإعلام لأُمته وأهل دعوته مكانه عند ربه ومحله من خصوصيته، وليكون إيمانهم بنبوته، واعتقادهم لطاعته على حسب ذلك، وكان بيان هذا لأُمته، وإظهاره لهم من اللازم له، والمفروض عليه.

فأما قوله في يونس - صلوات الله عليه وسلامه - فقد يتأول على وجهين:

أحدهما: أن يكون قوله: ((ما ينبغي لعبد)) إنما أراد به من سواه من الناس دون نفسه.

والوجه الآخر: أن يكون ذلك عاماً مطلقاً فيه، وفي غيره من الناس ويكون هذا القول منه على الهضْم من نفسه، وإظهار التواضع لربه..) إلى آخر كلامه - رحمه الله تعالى -

أنا الشيخ فلان: (١)

ذكر ابن حجر في شرح الاستئذان وكيف يجيب من قرع الباب، فقيل: من ذا؟ قال: (قال النووي: إذا لم يقع التعريف إلا بأن يكني المرء نفسه لم يكره ذلك، وكذا لا بأس أن يقول: أنا الشيخ فلان، أو القارئ فلان أو القاضي فلان، إذا لم يحصل التمييز إلا بذلك) اهـ.

وانظر إلى هذا القيد الحسن: ((إذا لم يحصل التمييز إلا بذلك)) بمعنى أَنه


(١) (أنا الشيخ فلان: فتح الباري ١١ / ٣٥ - ٣٦.

<<  <   >  >>