يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحُسن والقبح، والخفة والثقل، واللطافة والكثافة، كما قيل:
وقلما أبصرت عيناك ذا لقب إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
وكان - صلى الله عليه وسلم - يستحب الاسم الحسن، وأمر إذا أبردوا إليه بريداً أن كون حسن الاسم، حسن الوجه. وكان يأخذ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة كما رأى أنه وأصحابه في دار عُقبة بن رافع، فأتوا برطب من رطب بن طاب، فأوله بأن لهم الرفعة في الدنيا، والعاقبة في الآخرة، وأن الدين الذي قد اختاره الله لهم قد أرطب وطاب، وتأول سُهولة أمرهم يوم الحديبية من مجيء سُهيل بن عمرو إليه.
وندب جماعة إلى حلب شاة، فقال رجلٌ يحلبها، فقال ((ما اسمك؟)) قال: مُرة، فقال:((اجلس)) فقام آخر فقال: ((ما اسمك؟)) قال: - أظنه حرب -، فقال:((اجلس)) فقام آخر فقال: ((ما اسمك؟)) فقال: يَعيش فقال: ((احلبها)) .
وكان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء ويكره العبور فيها، كما مر في بعض غزواته بين جبلين، فسأل عن اسميهما فقالوا: فاضح ومُخز، فعدل عنهما، ولم يجز بينهما.
ولما كان بين الأسماء والمسميات من الارتباط والتناسب والقرابة، ما بين قوالب الأشياء وحقائقها، وما بين الأرواح والأجسام، عبر العقل من كل منهما إلى الآخر، كما كان إياس بن معاوية وغيره يرى الشخص، فيقول: ينبغي أن يكون اسمه كيت وكيت، فلا يكادُ يُخطئ، وضد هذا العبور من الاسم إلى مسماه كما سأل عمر بن الخطاب- رضي الله عنه - رجلاً عن اسمه، فقال: جمرة، فقال: واسم أبيك؟ فقال: شهاب. قال: ممن؟ قال من الحُرقة، قال: فمنزلك؟ قال: بحرَّة النارَّ، قال: فإين مسكنك؟ قال: بذات لظى. قال: اذهب فقد احترق مسكنك، فذهب فوجد الأمر كذلك. فعبر عمر من