الألفاظ إلى أرواحها ومعانيها، كما عبر النبي - صلى الله عليه وسلم - من اسم سهيل إلى سهولة أمرهم يوم الحديبية، فكان الأمر كذلك، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته بتحسين أسمائهم، وأخبر أنهم يُدعون يوم القيامة بها، وفي هذا - والله أعلم - تنبيه على تحسين الأفعال المناسبة لتحسين الأسماء، لتكون الدعوة على رؤوس الأشهاد بالاسم الحسن، والوصف المناسب له.
وتأمل كيف اشْتُقَّ للنبي - صلى الله عليه وسلم - من وصفه اسمان مطابقان لمعناه، وهما أحمد ومحمد، فهو لكثرة ما فيه من الصفات المحمودة: محمد، ولشرفها وفضلها على صفات غيره: أحمد، فارتبط الاسم بالمسمى ارتباط الروح بالجسد، وكذلك تكنيته - صلى الله عليه وسلم - لأبي الحكم بن هشام بأبي جهل كنية مطابقة لوصفه ومعناه، وهو أحقُّ الخلق بهذا الكنية، وكذلك تكنية الله عز وجل لعبد العُزى بأبي لهب، لما كان مصيره إلى نار ذات لهب، كانت هذه الكنية أليق به وأوفق، وهو بها أحقُّ وأخلق.
ولما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، واسمها يثرب، لا تعرف بغير هذا الاسم، غيره بطيبة؛ لمّا زال عنها ما في لفظ يثرب من التثريب بما في معنى طيبة من الطيب، استحقت هذا الاسم، وازدادت به طيباً آخر، فأثر طيبُها في استحقاق الاسم، وزادها طيباً إلى طيبها.
ولما كان الاسم الحسن يقتضي مسماه، ويستدعيه من قرب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض قبائل العرب وهو يدعوهم إلى الله وتوحيده:((يا بني عبد الله إن الله قد حسَّن اسمكم واسم أبيكم)) . فانظر كيف دعاهم إلى عبودية الله بحسن اسم أبيهم، وبما فيه من المعنى المقتضي للدعوة، وتأمل أسماء الستة المتبارزين يوم بدر: كيف اقتضى القدر مطابقة أسمائهم لأحوالهم يومئذ، فكان الكفَّار: شيبة، وعُتبة، والوليد، ثلاثة أسماء من الضعف، فالوليد له بداية الضعف، وشيبة له نهاية الضعف كما قال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً}