للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا قال القائل:

إذا ما وصفت امرءاً لامرئ فلا تغل في وصفه واقصد

فإنَّك إن تغل تغل الظنونُ فيه إلى الأمد الأبعد

فينقص من حيث عظمته لفضل المغيب عن المشهد

وأمر آخر: وهو ظن المسمَّى واعتقاده في نفسه أنه كذلك، فيقع في تزكية نفسه وتعظيمها وترفعها على غيره، وهذا هو المعنى الذي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأجله أن تُسمى ((برَّة)) وقال: ((لا تُزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم)) .

وعلى هذا فتره التسمية بـ: التقي، والمتقي، والمطيع، والطائع، والراضي، والمحسن، والمخلص، والمنيب، والرشيد، والسديد. وأما تسمية الكفار بذلك، فلا يجوز التمكين منه، ولا دُعاؤهم بشيء من هذه الأسماء، ولا الإخبار عنهم، والله عز وجل يغضب من تسميتهم بذلك.

فصل

وأما الكنية فهي نوع تكريم للمكني، وتنويه به كما قال الشاعر:

أكْنيه حين أُناديه لأُكرمه ولا أُلقبه والسوءةُ اللقبُ

وكنى النبي - صلى الله عليه وسلم - صُهيباً بأبي يحيى، وكنى علياً - رضي الله عنه - بأبي تراب، مع كنيته بأبي الحسن، وكانت أحب كنيته إليه، وكنى أخا أنس بن مالك وكان صغيراً دون البلوغ بأبي عُمير.

وكان هديه - صلى الله عليه وسلم - تكنية من له ولد، ومن لا ولد له، ولم يثبت عنه أنه نهى عن كًنية إلا الكنية بأبي القاسم، فصح عنه أنه قال: ((تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي)) . فاختلف الناس في ذلك على أربعة أقوال - فذكرها، ثم قال -:

وقد كره قوم من السلف والخلف الكنية بأبي عيسى، وأجازها آخرون، فروى أبو داود عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -

<<  <   >  >>