للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي كتاب: (النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح) لمحمد الطاهر بن عاشور قال ص/ ١١٨ عن ترجمة البخاري هذه:

(هذا تبويب غريب، فإن إطلاق اسم الشهيد على المسلم المقتول في الجهاد الإسلام ثابت شرعاً، ومطروق على ألسنة السلف فمن بعدهم، وقد ورد في حديث الموطأ، وفي: الصحيحين: أن الشهداء خمسة غير الشهيد في سبيل الله، والوصف بمثل هذه الأعمال يعتمد النظر إلى الظاهر الذي لم يتأكد غيره، وليس فيما أخرجه البخاري هنا إسناداً وتعليقاً ما يقتضي منع القول بأن فلان شهيد، ولا النهي عن ذلك.

فالظاهر أن مراد البخاري بذلك أن لا يجزم أحد بكون أحد قد نال عند الله ثواب الشهادة، إذ لا يدري ما نواه من جهاده، وليس ذلك للمنع من أن يقال لأحد: إنه شهيد، وأن تجري عليه أحكام الشهداء، إذا توفرت فيه، فكان وجه التبويب أن يكون: باب لا يجزم بأن فلاناً شهيد إلا بإخبار من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مثل قوله في عامر بن الأكوع: ((إنه لجاهد مجاهد)) .

ومن هذا القبيل زجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أم العلاء الأنصارية حين قالت في عثمان بن مظعون: شهادتي عليك: لقد أكرمك الله، فقال لها: ((وما يدريك أن الله أكرمه)) ) اهـ.

الشوق: ((إطلاق على الله تعالى)) : (١)

لابن القيم - رحمه الله - في مواضع من كتبه بحث مطول في هذا اللفظ، وأنه لا يجوز إطلاقه على الله تعالى، فهذا مما لم يرد به القرآن، ولا السنة فإطلاقه متوقف على السمع، ولم يرد به فلا ينبغي إطلاقه، وهذه قاعدة الأسماء والصفات في مبحث مبسوط، والله أعلم.

أما إطلاقه على العبد من أنه يشتاق إلى الله وإلى لقائه فهذا غير ممتنع، ففي دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وأسألك الشوق


(١) (الشوق: ((إطلاق على الله تعالى)) : طريق الهجرتين ص/ ٥٧٧ - ٥٧٨، ٥٨١ - ٥٨٣ روضة المحبين.

<<  <   >  >>