وإذا ركب تتفرق فرقتين، وكان عوام مصر إذا رأوه يقولون: سبحان الخالق، فكان يقول: عوام مصر مؤمنون حقاً لأنهم يستدلون بالصنعة على الصانع.
فائدة - رأيت أن أطرز بها هذا الكتاب -: وقع في كلام الشيخ ضياء الدين هذا السابق نقله عنه آنفاً إطلاق (الصانع) على الله تعالى، وهو جارٍ في ألسنة المتكلمين، وانتقد عليهم بأنه لم يرد إطلاقه على الله تبارك وتعالى، وأسماؤه توقيفية.
وأجاب التقي السبكي: بأنه قُرئ شاذاً: (صنعه الله) بصيغة الماضي، فمن اكتفى بإطلاق الأسماء بورود الفعل اكتفى بمثل ذلك. وأجاب غيره بأنه مأخوذ من قوله:{صُنْعَ اللَّهِ} ويتوقف أيضاً على القول بالاكتفاء بورود المصدر.
وأقول: إني لأعجب للعلماء - سلفاً وخلفاً - من المحدثين والمحققين، ممن وقف على هذا الانتقاد، وقول القائل: إنه لم يرد وتسليمهم له ذلك، ولم يستحضروه، وهو وارد في حديث صحيح.
ثم أسند الحديث من طريق البيهقي بسنده عن حذيفة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله صانع كل صانع وصنعته)) . هذا حديث صحيح أخرجه الحاكم عن أبي النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه عن عثمان بن سعيد الدارمي عن علي بن المديني به، وقال على شرط الشيخين؛ ولم ينتقده الذهبي في ((تلخيصه)) ، ولا العراقي في ((مستخرجه)) .
وقال الحاكم: حدثنا أبو بكر بن أبي الهيثم، حدثنا الفربري، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أما أفعال العباد مخلوقة، فقد حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا مروان بن معاوية، عن ربعي؛ فذكره بلفظ:((إن الله صنع كل صانع وصنعته)) .