على أنه لا اعتبار بمذاهب أهل الجاهلية في هذا فقد تسمَّوا: بعبد مناف، وعبد الدار، ونحوهما من الدار، ونحوهما من الأسامي) اهـ.
ولشيخ الإسلام في التعبيد لغير الله تعالى، وآداب التسمية، بحث جامع في الفتاوى فقال: (كان المشركون يُعبِّدُون أنفسهم وأولادهم لغير الله؛ فيسمون بعضهم: عبد الكعبة، كما كان اسم عبد الرحمن بن عوف، وبعضهم: عبد شمس، كما كان اسم أبي هريرة، واسم عبد شمس بن عبد مناف، وبعضهم عبد اللات، وبعضهم عبد العزى، وبعضهم عبد مناة، وغير ذلك مما يضيفون فيه التعبيد إلى غير الله، من شمس، أو وثن، أو بشر، أو غير ذلك مما قد يشرك بالله.
ونظيره تسمية النصارى: عبد المسيح، فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك وعبَّدهُم لله وحده، فسمى جماعات من أصحابه: عبد الله وعبد الرحمن، كما سمى عبد الرحمن بن عوف ونحو هذا، وكما سمى أبا معاوية، وكان اسمه عبد العزى فسماه: عبد الرحمن، وكان اسم مولاه: قيوماً، فسماه: عبد القيوم.
ونحو هذا من بعض الوجوه ما يقع في الغالية من الرافضة ومشابهيهم الغالين في المشايخ، فيقال: هذا غلام الشيخ يونس، أو للشيخ يونس، أو: غلام ابن الرفاعي، أو الحريري، ونحو ذلك مما يقوم فيه للبشر نوع تأله، كما قد يقوم في نفوس النصارى من المسيح، وفي نفوس المشركين من آلهتهم رجاء وخشية، وقد يتوبون لهم، كما كان المشركون يتوبون لبعض الآلهة، والنصارى للمسيح أو لبعض القديسين.
وشريعة الإسلام الذي هو الدين الخالص لله وحده: تعبيد الخلق لربهم كما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتغيير الأسماء الشركية إلى الأسماء الإسلامية، والأسماء الكفرية إلى الأسماء الإيمانية، وعامة ما سمى به النبي - صلى الله عليه وسلم -: عبد الله وعبد الرحمن، كما قال تعالى:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} فإن هذين