للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زاده الله شرفاً. زاده الله فضلاً وشرفاً. ونحوهما.

فإن ابن حجر الهيتمي المتوفى سنة (٩٧٤ هـ) ، سُئِل عن هذا فأجاب مطولاً؛ ولما في كلامه من فوائد أنقله بطوله:

(( [مطلب: على أن لا محذور في طلب زيادة شرفه - صلى الله عليه وسلم -] وسُئِل - نفع الله بعلومه وبركته -: في رجل قال: الفاتحة زيادة في شرف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له رجل من أهل العلم: لا تعد إلى هذا الذي صدر منك تكفر، فهل الأمر كذلك؟ وهل يجوز هذا الإنكار والحكم على القائل بالكفر؟ وما يلزم المنكر؟

فأجاب - متَّع الله بحياته - بقوله: لم يصب هذا المنكر في إنكاره ذلك وهو دال على قلة علمه وسوء فهمه، بل وعلى قبيح مجازفته في دين الله تعالى وتهوّره بما قد يؤول به إلى الكفر والعياذ بالله؛ إذْ من كفَّر مسلماً بغير موجب لذلك كفر، على تفصيل ذكره الأئمة رضي الله عنهم، فإنكاره هذا: إما حرام أو كفر، فالتحريم محقق والكفر مشكوك فيه، إذ لم يتحقق شرطه، فعلى حاكم الشريعة المطهرة أن يبالغ في زجر هذا المنكر بتعزيره بما يليق به في عظيم جراءته على الشريعة المطهرة وكذبه عليها بما لم يقله أحد من أهلها، بل صرّح بعض أئمتنا بخلافه بل الكتاب والسنة دالان على أن طلب الزيادة له - صلى الله عليه وسلم - أمر مطلوب محمود قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} .

وروى مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دعائه: ((واجعل الحياة زيادة لي في كل خير)) ، وطلب كون الفاتحة أو غيرها زيادة في شرفه طلب لزيادة علمه وترقيه في مدارج كمالاته العلية، وإن كان كماله من أصله قد وصل إلى الغاية التي لم يصل إليها كمال مخلوق، فعلم أن كلاً من الآية الشريفة والحديث الصحيح دال على أن مقامه - صلى الله عليه وسلم - وكماله يقبل الزيادة في العلم والثواب وسائر المراتب والدرجات، وعلى أن غايات كماله لا حد لها ولا انتهاء بل هو دائم الترقي في تلك المقامات العلية والدرجات

<<  <   >  >>