السنية بما لا يطلع عليه كنهه إلا الله تعالى؛ وعلى أن كماله - صلى الله عليه وسلم - مع جلالته لاحتياجه إلى مزيد ترقٍ واستمداد من فيض فضل الله وجوده وكرمه الذاتي الذي لا غاية له ولا انتهاء، وعلى أن طلب الزيادة لا يشعر بأن ثم نقصاً إذ لاشك أن علمه - صلى الله عليه وسلم - أكمل العلوم، ومع ذلك فقد أمره الله بطلب زيادته، فلنكن نحن مأمورين بطلب زيادة ذلك له - صلى الله عليه وسلم -، وقد ورد أيضاً أمرنا بذلك فيما يندب من الدعاء عند رؤية الكعبة المعظمة إذ فيه:((وزد من شرفه وعظمه وحجه واعتمره تشريفاً)) إلى آخره، وهو - صلى الله عليه وسلم - كسائر الأنبياء الذين حجوا البيت - وهم كل الأنبياء إلا فرقة قليلة منهم على الخلاف في ذلك - داخل فيمن شرفه وعظمه وحجه واعتمره، وإذا علم دخولهم في ذلك العموم من دلالة العام ظنية أو قطعية على الخلاف فيه؛ عُلِم أنَّا مأمورون بطلب الدعاء له - صلى الله عليه وسلم - ولغيره من الأنبياء المذكورين بزيادة التشريف والتكريم؛ وأن الدعاء بزيادة ذلك له - صلى الله عليه وسلم - أمر مندوب مستحسن، ويؤيده ما رواه الطبراني عن عليّ رضي الله عنه، لكن نظر في سنده ابن كثير، أنه كان يعلم الناس كيفية الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيها ما يصرح بطلب الزيادة له - صلى الله
عليه وسلم - في مضاعفات الخير وجزيل العطاء.
وبهذا الذي ذكرته، وإن لم أر من سبقني بالاستدلال في هذه المسألة بشيء منه، يظهر الرد على شيخ الإسلام صالح البلقيني في قوله:(لا ينبغي أن يقدم على ذلك إلا بدليل) فيُقال له: وأي دليل أعلى من الكتاب والسنة؟ وقد بان بما ذكرته دلالتهما على طلب الدعاء له - صلى الله عليه وسلم - بالزيادة في شرفه، إذْ الشرف: العلو، كما قال أهل اللغة، والمراد به هنا: علوّ المرتبة والمكانة، وعلوّها بالزيادة في العلم والخير وسائر الدرجات والمراتب، وكل من العلم والخير قد أمرنا بطلب الزيادة له - صلى الله عليه وسلم - فيه بالطريق الذي قدمناه، فلنكن مأمورين بطلب زيادة الشرف له. وعلى شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر في