قوله:(هذا الدعاء مخترع من أهل العصر) ، ولو استحضر ما قاله النووي لم يقل ذلك، بل سبق النووي إلى نحو ذلك الإمام المجتهد أبو عبد الله الحليمي - من أكابر أصحابنا وقدمائهم - وصاحبه الإمام البيهقي. وقوله:(ولا أصل له في السنة) ، فيقال له: بل له أصل في الكتاب والسنة معاً كما تقرر، على أن الظاهر أنه إنما قال هذا قبل اطلاعه على ما يأتي عنه.
ثم اعلم أن هذين الإمامين لم ينازعا في جواز ذلك، وإنما نزاعهما في: هل ورد دليل يدل على طلبه فيفعل، أو لا فلا ينبغي فعله؟ وقد علمت أنه ورد ما يدل على طلبه، ومن ثم كان النووي - رحمه الله وشكر سعيه - متحلياً من السنة بما لم يلحقه فيه أحد ممن جاء بعده كما صرّح به بعض الحفّاظ، دعا بطلب الزيادة له - صلى الله عليه وسلم - في شرفه في خطبتي كتابيه اللذين عليهما معول المذهب وهما [الروضة والمنهاج] فقال في خطبة كل منهما: صلى الله عيله وسلم وزاده فضلاً وشرفاً لديه. وهذه العبارة متداولة في أيدي العلماء منذ نحو ثلاثمائة سنة لا نعلم أحداً ممن تكلم على الروضة أو المنهاج اعترضها بوجه من الوجوه، ولعل هذين غفلا عنها؛ بدليل قول الثاني: هذا الدعاء مخترع من أهل العصر، إذ لو استحضر ما قاله النووي لم يقل ذلك، بل سبق النووي إلى نحو ذلك الإمام المجتهد أبو عبد الله الحليمي من أكابر أصحابنا وقدمائهم، وصاحبه الإمام البيهقي، وقد ذكرت عبارتهما في إفتاء أبسط من هذا، ومما صرح به الأول: أن إجزال أجره - صلى الله عليه وسلم - ومثوبته وأداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود، وتفضيله على كافة المقربين، وإن كان تعالى قد أوجب هذه الأُمور له - صلى الله عليه وسلم - فإن كل شيء منها ذو درجات ومراتب فقد يجوز إذا صلى عليه واحد من أمته فاستجيب دعاؤه أن يزاد النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك الدعاء في كل شيء مما سميناه رتبة ودرجة. انتهى المقصود منه، وهذا تصريح منه بأن طلب الزيادة في شرفه - صلى الله عليه وسلم - داخل