لأنه لم يُؤمر بِهِ، وقد يسمونه خطأ إضافياً، بمعنى: أنه أخطأ شيئاً لو علمه لكان عليه أن يتبعه وكان هو حكم الله في حق؛ ولكن الصحابة والأئمة الأربعة - رضي الله عنهم - وجمهور السلف يطلقون لفظ الخطأ على غير العمد؛ وإن لم يكن إثماً، كما نطق بذلك القرآن والسنة في غير موضع، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح:((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر)) .
وقال غير واحد من الصحابة كابن مسعود: أقول فيها برأيي فإن يكن صواباً فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان؛ والله ورسوله بريئان منه وقال علي في قصة التي أرسل إليها عمر فأسقطت - لما قال له عثمان وعبد الرحمن رضي الله عنهما: أنت مؤدب ولا شيء عليك -: إن كانا اجتهدا فقد أخطآ، وإن لم يكونا اجتهدا فقد غشّاك.
وأحمد يفرق في هذا الباب، فإذا كان في المسألة حديث صحيح لا معارض له كان من أخذ بحديث ضعيف أو قول بعض الصحابة مخطئاً، وإذا كان فيها حديثان صحيحان نظر في الراجح فأخذ به؛ ولا يقول لمن أخذ بالآخر: إنه مخطئ، وإذا لم يكن فيها نص اجتهد فيها برأيه، قال: ولا أدري أصبت الحق أم أخطأته؟ ففرق بين أن يكون فيها نص يجب العمل به وبين أن لا يكون كذلك، وإذا عمل الرجل بنص وفيها نص آخر خفي عليه لم يسمه مخطئاً؛ لأنه فعل ما وجب عليه؛ لكن هذا التفصيل في تعيين الخطأ، فإن من الناس من يقول: لا أقطع بخطأ منازعي في مسائل الاجتهاد. ومنهم من يقول: أقطع بخطئه. وأحمد فصّل، وهو الصواب، وهو إذا قطع بخطئه بمعنى عدم العلم لم يقطع بإثمة، هذا لا يكون إلا في من علم أنه لم يجتهد.
وحقيقة الأمر أنه إذا كان فيها نص خفي على بعض المجتهدين وتعذر