وقد بين الفقهاء أن الخطأ ينقسم إلى خطأ في الفعل؛ وإلى خطأ في القصد.
فالأول: أن يقصد الرمي إلى ما لا يجوز رميه من صيد وهدف فيخطئ بها، وهذا فيه الكفارة والدية.
والثاني: أن يخطئ في قصده لعلم؛ كما أخطأ هناك لضعف القوة، وهو أن يرمي من يعتقده مباح الدم ويكون معصوم الدم، كمن قتل رجلاً في صفوف الكفار، ثم تبين أنه كان مسلماً، والخطأ في العلم هو من هذا النوع؛ ولهذا قيل في أحد القولين: إنه لا دية فيه لأنه مأمور به، بخلاف الأول.
وأيضاً فقد قال تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} ففرَّق بين النوعين، وقال تعالى:{رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} ؛ وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى قال:((قد فعلت)) .
فلفظ الخطأ وأخطأ عند الإطلاق يتناول غير العامل، وإذا ذكر مع النسيان أو ذكر في مقابلة العامل كان نصاً فيه، وقد يُراد به مع القرينة: العمد، أو العمد والخطأ جميعاً، كما في قراءة ابن عامر؛ وفي الحديث الإلهي - إن كان لفظه كما يرويه عامة المحدثين - ((تخطئون)) بالضم.
وأما اسم الخطائ فلم يجئ في القرآن إلا للإثم بمعنى الخطيئة، كقوله:{وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} ، وقوله:{لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} ، وقوله:{يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} ، وقوله:{لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ} .
وإذا تبين هذا، فكل مجتهد مصيب غير خاطئ، وغير مخطئ أيضاً، إذا أُريد بالخطأ الإثم على قراءة ابن عامر، ولا يكون من مجتهد خطأ، وهذا هو الذي أراده من قال: كل مجتهد مصيب، وقالوا: الخطأ والإثم متلازمان، فعندهم لفظ الخطأ كلفظ الخطيئة على قراءة ابن عامر، وهم يسلمون أنه يخفى عليه بعض العلم الذي عجز عنه، لكن لا يسمونه خطأ؛