يقال في غير العمد على قراءة ابن عامر، فيقال لغير المتعمد: أخطأت كما يقال له: خطيت، ولفظ الخطيئة من هذا، ومنه قوله تعالى:{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} وقول السحرة: {إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} .
ومنه قوله في الحديث الصحيح الإلهي:((يا عبادى! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم)) . وفي الصحيحين عن أبي موسى؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول في دعائه:((اللهم اغفر لي هزلي وجدي؛ وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي)) .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ قال:((أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد)) .
والذين قالوا: كل مجتهد مصيب، والمجتهد لا يكون على خطأ، وكرهوا أن يقال للمجتهد: إنه أخطأ، هم كثير من العامة، يكره أن يقال عن إمام كبير: إنه أخطأ، وقوله: أخطأ؛ لأن هذا اللفظ يستعمل في الذنب كقراءة بن عامر:{إنه كان خطأ كبيراً} . ولأنه يقال في العامد: أخطأ يخطئ كما قال: يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم)) فصار لفظ الخطأ وأخطأ قد يتناول النوعين، كما يخص غير العامل، وأما لفظ الخطيئة فلا يستعمل إلا في الإثم.
والمشهور إن لفظ الخطأ يفارق المفسد، كما قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً} الآية، ثم قال بعد ذلك:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} .