للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويكون ذلك علماً بحقيقة الأمر لو اطلع عليه الآخر لوجب عليه اتباعه؛ ولكن الواصل إلى الصواب له أجران، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق على صحته: ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر)) .

ولفظ: ((الخطأ)) يستعمل في العمد وفي غير العمد، قال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً} والأكثرون يقرؤون {خِطْأً} على وزن رِدْأ وعلماً. وقرأ ابن عامر (خطأ) على وزن عملاً، كلفظ الخطأ في قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً} ، وقرأ ابن كثير (خطاء) على وزن هجاء، وقرأ ابن رزين (خطاء) على وزن شرابا، وقرأ الحسن وقتادة (خطأً) على وزن قتلاً، وقرأ الزهري (خطا) بلا همزة على وزن عدى. قال الأخفش: خطى يخطأ بمعنى: أذنب، وليس معنى أخطأ؛ لأن أخطأ في ما لم يصنعه عمداً، يقول فيما أتيته عمداً: خطيت؛ وفيما لم يتعمده: أخطأت.

وكذلك قال أبو بكر ابن الأنباري: الخطا: الإثم، يقال: قد خطا يخطا إذا أثم، وأخطأ يخطئ إذا فارق الصواب.

وكذلك قال ابن الأنباري في قوله: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} ، فإن المفسرين كابن عباس وغيره: (قالوا) : لمذنبين آثمين في أمرك. وهو كما قالوا فإنهم قالوا: {يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} ، وكذلك قال العزيز لامرأته: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} قال ابن الأنباري: ولهذا اتير خاطئين على مخطئين، وإن كان أخطأ على ألسن الناس أكثر من خطا يخطى؛ لأن معنى خطا يخطى فهو خاطئ: آثم، ومعنى أخطأ يخطئ: ترك الصواب ولم يأثم. قال: عبادك يخطئون وأنت رب تكفل المنايا والحتوم، وقال الفراء: الخطأ: الإثم، الخطا والخطا والخطا ممدود. ثلاث اللغات.

قلت: يقال في العمد: خطأ، كما

<<  <   >  >>