للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإيمان، وتراهم خُضُّوا باسم: الصاحب. بيِّنُوا لنا هذا، رزقكم الله الجنة.

أجاب - رضي الله عنه -: قال الله تعالى {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} وإسماعيل من أعمامه، لا من آبائه، وقال سبحانه: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} وأمه قد كان تقدم وفاتها، قالوا: والمراد خالتُهُ، ففي هذا: استعمال الأبوين من غير ولادة حقيقية، وهو مجاز صحيح في اللسان العربي، وإجراء ذلك في النبي - صلى الله عليه وسلم -، والعالم، والشيخ، والمريد: سائغ من حيث اللغة، والمعنى، وأما من حيث الشرع، فقد قال - سبحانه وتعالى -: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} ، وفي الحديث الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما أنا لكم بمنزلة الوالد، أُعلِّمُكم)) .

فذهب بعض علمائنا إلى أنه لا يُقال فيه - صلى الله عليه وسلم -: أنه ((أبو المؤمنين)) وإن كان يُقال في أزواجه: ((أُمهات المؤمنين)) .

وحجته ما ذكرت.

فعلى هذا، فيقال: هو ((مثل الأب)) أو ((كالأب)) أو ((بمنزلة أبينا)) .

ولا يُقال: ((هو أبونا)) أو ((والدنا)) .

ومن علمائنا من جوَّز، وأطلق هذا أيضاً، وفي هذا للمحقق مجال بحث يطول.

والأحوط: التورع، والتحرز عن ذلك. وأمّا الأخ، والصاحب، فكل واحد منهما أخص من الآخر وأعم، فأخ ليس بصاحب، وصاحب ليس بأخ، وإذا قابلت بينهما فالأخ أعلى.

وأمَّا في حق الصحابة - رضي الله عنهم - فإنما اختير لفظ الصحبة، لأنها خصيصة لهم، وأُخوة الإسلام شاملة لهم ولغيرهم، وأيضاً فلفظ الصحابة يشعر بالأمرين: أُخوة الدين والصحبة؛ لأنه لا يطلق ذلك في العرف على الكافر وإن صاحبهُ - صلى الله عليه وسلم - مُدّةً. والله

<<  <   >  >>