للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحد، واعتبروا ذلك بالآثار الطبيعة كالمسخن والمبرد ونحو ذلك، فإن هذا غلط، فإن التسخين لا يكون إلا بشيئين (أحدهما) فاعل كالنار (والثاني) قابل كالجسم القابل للسخونة والاحتراق، وإلا فالنار إذا وقعت على السمندل والياقوت لم تحرقه، وكذلك الشمس فإن شعاعها مشروط بالجسم المقابل للشمس الذي ينعكس عليه الشعاع، وله موانع من السحاب والسقوف وغير ذلك، فهذا الواحد الذي قدروه في أنفسهم لا وجود له في الخارج، وقد بسط هذا في غير هذا الموضع.

فإن الواحد العقلي الذي يثبته الفلاسفة كالوجود المجرد عن الصفات، وكالعقول المجردة، وكالكليات التي يدعون تركب الأنواع منها، وكالمادة والصور العقليين وأمثال ذلك لا وجود لها في الخارج، بل إنما توجد في الأذهان لا في الأعيان، وهي أشد بعداً عن الوجود من الجوهر الفرد الذي يثبته من يثبته من أهل الكلام، فإن هذا الواحد لا حقيقة له في الخارج، وكذلك الجوهر كما قد بسط في موضعه.

والمقصود هنا أن التأثير إذا فسر بوجود شرط الحدث أو سبب يتوقف حدوث الحادث به على سبب آخر وانتفاء موانع - وكل ذلك بخلق الله تعالى - فهذا حق، وتأثير قدرة العبد في مقدورها ثابت بهذا الاعتبار. وإن فسر التأثير بأن المؤثر مستقل بالأثر من غير مشارك معاون ولا معاوق مانع فليس شيء من المخلوقات مؤثراً، بل الله وحده خالق كل شيء لا شريك له ولا ند له فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} ، {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ} ..) إلى آخر كلامه - رحمه الله تعالى -.

واصل:

مضى في حرف السين: سائر.

وفي حرف التاء: التصوف.

<<  <   >  >>