المخلوق المحلوف به مثل عظمة الله الخالق سبحانه، وبهذا التعليل صرف علماء التوحيد ظواهر هذه النصوص من الحديث المذكور وما في معناه إلى هذا المعنى:(الشرك الأصغر الذي لا يخرج عن الملة) أما إذا اعتقد المساواة فهو شرك أكبر. إذا عُرِف هذا فإن الحلف بصفة من صفات الله المذكورة، يمين شرعية منعقدة، يجب على من حنِث بها: الكفَّارة.
لكن إذا كان الحلف بصفة من صفات الله - تعالى - المذكورة، تستنكره نفوس العامة، فعلى المسلم احتساب الأجر بصرف حلفه بالله تعالى، وبعد تبصيرهم بجواز الحلف بصفة من صفات الله تعالى، فلا عليهم إذا فقهوا؛ إذ القلوب ضعيفة، والشُّبهُ خطافةٌ.
إذا عُلِم هذا فإن الحلف بالمصحف أو بلفظ:((والقرآن الكريم)) هو حلف بصفة من صفات الله - سبحانه -؛ إذ القرآن مشتمل على كلام الله، وكلام الله من صفاته، فصار كما لو قال الحالف:((وكلام الله)) فهذا حلف جائز، وقد أقام هذا أهل السنة على أهل البدعة مقام الحجة عليهم في قولهم الباطل:((بخلق القرآن)) . ولا يشكل عليك أن الحالف بالمصحف قد يريد الحلف بالورق والجلد؛ لأنَّ المصحف الكريم لا يسمى مصحفاً إلا بما فيه من كلام الله المجيد.
واعلم أيضاً: أنَّ الحلف بآيات الله، الجائز، هو الحلف بآيات الله الشرعية:((القرآن الكريم)) ، أما الحلف بآيات الله الكونية القدرية وهي مخلوقاته من إنس وجن فلا يجوز قولاً واحداً.
((وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ... )) : (١)
لايصح في قراءة هذه الآية الشريفة قبل الأذان: حديث. ولذا فلا تشرع قراءتها هنا.
وقع في خاطري كذا:
مضى بيان التفصيل في حكمها في حرف الألف: أخبرني قلبي عن ربي.
(١) (( (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ... )) : كشاف القناع ١/ ٦٨.