كانوا يقولون فيه: كلام الله تبارك وتعالى، لا يزيدون على ذلك....) اهـ. وانظره.
وإذا استقرأت هذا وجدتهم يذكرون مثل هذه الألفاظ في مقام الرد على أهل الأهواء ومنهم نفات الصفات، أما في مجال تقرير الاعتقاد ابتداءً فإنّهم يقتصرون على ألفاظ النصوص، فتنبه والله أعلم. وقد بينت هذا مبسوطاً - والحمد لله - في مقدمة كتاب: الرد على من حرَّف عقيدة ابن أبي زيد القيرواني، بما نصه:
(الحقيقة الخامسة: أن وجود الأقوال الشنيعة من المخالفين في حق الله - تبارك وتعالى - المُعْلنةِ في مذاهبهم الباطلة: التأويل، التفويض، التعطيل ... المخالفة لما نطق به الوحيان الشريفان في أُمور التوحيد والسنة، اضطرت علماء السلف - الذين واجهوا هذه المذاهب والأقاويل البالة بِالرَّدِّ والإبطال - إلى البيان بألفاظ تفسيرية محدودة، هي من دلالة ألفاظ نصوص الصفات على حقائقها ومعانيها لا تخرج عنها؛ لأن هؤلاء المخالفين لما تجرؤوا على الله فتفوهوا بالباطل وجب على أهل الإسلام الحق الجهر بالحق، ـ والرد على الباطل جهرة بنصوص الوحيين، لفظاً ومعنى ودلالة، بتعابير عن حقائقها ومعانيها الحقة لا تخرج عنها البتة، وانتشر ذلك بينهم دون أن ينكره منهم أحد.
وكان منها - مثلاً - ألفاظ خمسة ((بذاته)) ، ((بائن من خلقه)) ، ((حقيقة)) ، ((في كل مكان بعلمه)) ، ((غير مخلوق)) .
فأهل السنة يثبتون: استواء الله على عرشه المجيد، كما أثبته الله لنفسه. فلما نفى المخالفون ((استواء الله على عرشه المجيد)) ولجأُوا إلى أضيق المسالك، فأوَّلهُ بعْضٌ بالاستيلاء، وبعض بالتفويض، وبعض بالحلول، رد عليهم أهل السنة بإثبات استواء الله سبحانه على عرشه المجيد بذاته، وأنه - سبحانه - بائن من خلقه، وأنه استواء حقيقة.