للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(قولُ مُسْلِم رحِمهُ الله وإيَّانا في أوَّل كتابهِ: ((لو عُزِم لي عليه)) : هو بضم العين، قال الإمام أبو عبد الله محمد بْنُ علىّ المازري التَّميمي صاحب كتاب: ((المُعْلِم بفوائدِ كتاب مُسْلِم)) : لا يُظن بمُسْلِم أنَّهُ أراد: عزم الله لي، عليه؛ لأنَّ إرادة الله تعالى لا تُسمَّى: عزْماً.

قلتُ: ليْس ذلك كما قال، فيسأتي في الكتاب إن شاء الله تعالى في: كِتاب الجنائِزِ، عن أُمِّ سلمة رضِي الله عنها قولها: ((ثُم عَزَمَ الله لي [فقلتها] )) ولذلك وجهان، نقدمُ عليهما:

أنَّ الأمر في إِضافِةِالأفعال إليه سبحانه واسعٌ حتَّى لا يتوقف فيها على التَّوقيفِ، كما يُتوقّف عليهِ في أسمائِه وصفاتهِ، ولِذلِك توسَّع الناس قديماً وحديثاً في ذلك في خُطبهم وغيرِها.

ثُمَّ الوجهين أنَّ المراد بذلِك: أراد الله في ذلك، على جهةِ الاستعارةِ؛ لأنَّ الإرادة والقصْد والعزْم والنِّيَّة متقاربة فيقامُ بعضها مقام بعضٍ تجوّزاً، وقد ورد عن العربِ أنَّها قالت: ((نواك الله بحفظِه)) فقال فيه بعض الأئمَّة: أي قصدك بحفظه.

الوجْهُ الثاني: أنَّ لقولِ القائِل: (عَزَمَ الله لي) وجْهاً صحيحاً غير الإرادة، وهو أنْ يمون مِن قبيل قولِ أُمِّ عطية: ((نُهينا عنْ اتِّباعِ الجنائِزِ، ولم يُعْزم علينا)) أي لم نُلْزم بذلك.

وكذلك قوله: ((ترْغيباً في قيامِ رمضان مِنْ غيرِ عزِيمةٍ)) ، أي مِن غيرِ إلْزامٍ) انتهى.

* عركت المرأة: (١)

قال النووي - رحمه الله تعالى -:

(( (فرع)) يجوز أن يُقال: حاضت المرأة، وطمثت، ونفست بفتح النون وكسر الفاء وعركت، ولا كراهة في شيء من ذلك، وروينا في حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني بإسناده عن محمد بن سيرين أنه كره أن يُقال: طمثت. دليلنا أن هذا شائع في اللغة والاستعمال، فلا تثبت كراهته إلا بدليل صحيح.


(١) (عركت المرأة: المجموع للنووي: ٢/ ٣٨٠.

<<  <   >  >>