للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -، وابن القيم - رحمه الله تعالى - مباحثُ مهمةٌ في نقض هذا التفريق. بما خلاصته: أنه انتشر في كلام المتقدمين أن أحكام الشريعة منقسمة إلى أُصول وفروع، ويقصدون بالأصول: ما يتعلق بالعقيدة، وما عُلِم من الإسلام بالضرورة، وبالفروع: فقه أحكام أفعال العبيد.

وابن تيمية - رحمه الله تعالى - لا يرتضي هذا التقسيم، ويراه محدثاً من قبل المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع، وأن الاعتقاد لموجب النصوص وما تمليه الشريعة في مساقٍ واحدٍ، من حيث لزوم الاعتقاد وداعي الامتثال. وأن التقسيم منقوضٌ بعدم الحدِّ الفاصل بينهما.

وقد أنحى المقبلي في: ((العلم الشامخ)) على من قال: الخلاف في الفروع سهلٌ، وما جرى مجرى ذلك. مما تجده منتشراً اليوم.

بل تحول إلى مقولة هزيلة بحيث أوردوا قولهم: هذا قشور وذلك لباب. ويعنون بالقشور: المسائل الفقهية الدائرة في محيط الاستحباب، أو الكراهة، ونحو ذلك من أُمور التحسينات، والحاجيات، وهذا النبزُ إحياء لما لدى المتصوفة، من تسميتهم أهل الفقه باسم: أهل القشور، وأهل الرقص من الصوفية: أهل الحقيقة، فانظر كيف أن الأهواء يجر بعضها بعضاً

ونجد ابن القيم في: ((إعلام الموقعين)) يسوق العتاب على لسان السلف لهؤلاء الذين إذا سُئِل الواحد منهم عن حكم فقهي قال: هذا سهل. يقصد به تخفيف شأنه، والله تعالى يقول: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} فتنبه. والله أعلم.

ولشيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك مبحث مبسوط في فتاويه ٢٣/٣٤٦ - ٣٤٧، وفي المسائل الماردينية ص / ٦٥ - ٧٠، وابن تيمية - رحمه الله - كثيراً ما يستعمل هذا التعبير، فمراده إذاً من إنكار التفريق ترتيب التكفير، وعليه: فإنَّ المعين لا يكفر إلا بعد قيام

<<  <   >  >>