الذي يبدو راجحا لي - والله أعلم -: هو القول الأول، فالحديث لم يسلم له طريق واحد، من ناحية سنده. وقد نقل الخطيب في تاريخ بغداد (٣/ ٥٠٩) عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الأرموي، وكان شيخا صالحا فاضلا عالما، قال: جمع الحاكم أبو عبدالله أحاديث زعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم، يلزمهما إخراجها في صحيحيهما، منها حديث الطائر، ... ، فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك، ولم يلتفتوا فيه إلى قوله، ولا صوَّبوه في فعله. ا. هـ وأما من ناحية المتن: فزيادة على ما تقدَّم من اضطراب الروايات، ففيه أيضا ما يستنكر من عدة وجوه، ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (٧/ ٣٧٤)؛ منها: أن أكل الطير ليس فيه أمر عظيم يناسب أن يجيء أحب الخلق إلى الله ليأكل منه، فإن إطعام الطعام مشروع للبر و الفاجر، و ليس في ذلك زيادة وقربة عند الله لهذا الآكل، و لا معونة على مصلحة دين و لا دينا، فأي أمر عظيم هنا يناسب جعل أحب الخلق إلى الله يفعله؟ وأخيرا: فهذا الحديث مما اعتنى العلماء بجمع طرقه، وأفردوا له تصنيفا مستقلا. * قال أبو موسى المديني كما في منهاج السنة النبوية (٧/ ٣٧١): قد جمع غير واحد من الحفاظ طرق أحاديث الطير للاعتبار و المعرفة، كالحاكم النيسابوري، وأبي نعيم، وابن مردويه. ا. هـ * وقال الذهبي في السير (١٧/ ١٦٩):وقد جمعت طرق حديث الطير في جزء. ا. هـ * وقال ابن حجر في اللسان (١/ ٢٥٦):وقد جمع طرق الطير: ابن مردويه، والحاكم، وجماعة. ا. هـ * وقال ابن كثير في البداية والنهاية (١١/ ٨٣): وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة، منهم: أبو بكر بن مردويه، والحافظ أبو طاهر محمد بن أحمد بن حمدان، فيما رواه شيخنا =