مسلم، والتي فيها: «وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي» يعني: احفظوا عترتي، أو: أذكركم الله في عترتي. وهذا المعنى المراد هو الذي فهمه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري (كتاب المناقب، باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم ٣٧١٢) عن أبي بكر رضي الله عنه قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى أن أصل من قرابتي. وأخرج عنه أيضا (كتاب المناقب، باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم ٣٧١٣)، قال: ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في آل بيته. قال الحافظ في الفتح (٧/ ٧٩): والمراقبة للشيء: المحافظة عليه، يقول: احفظوه فيهم، فلا تؤذوهم، ولا تسيئوا إليهم. ا. هـ وهذا موافق لقوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} [الشورى: ٢٣]. الثاني: أن المقصود من «أهل البيت» إنما هم العلماء الصالحون منهم، والمتمسكون بالكتاب والسنة، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي: «العترة» هم أهل بيته صلى الله عليه وسلم؛ الذين هم على دينه، وكذلك التمسك بأمره. ا. هـ انظر السلسلة الصحيحة للألباني (٤/ ٣٦٠). وقال الشيخ علي القاري في مرقاة المفاتيح (٩/ ٣٩٧٥): أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته، ولهذا يصلح أن يكونوا مقابلا لكتاب الله سبحانه كما قال: {ويعلمهم الكتاب والحكمة} [البقرة: ١٢٩].ا. هـ فتبين أنَّ المراد بأهل البيت: المتمسكين بسنته صلى الله عليه وسلم، فتكون هي المقصود بالذات في الحديث، ولذلك جعلها أحد (الثقلين) المقابل للثقل الأول وهو القرآن، وهو ما يشير إليه قول ابن الأثير في النهاية (١/ ٢١٦): سماهما (ثقلين)؛ لأن الآخذ بهما - يعني الكتاب والسنة -