أقول: هذا إذا كان بالنسبة لمن أمضى وقته، وقضى أنفاسه فيما يرضي الله -جل وعلا- وهو العبادة التي من أجلها خُلق، هذا على العباد، فماذا عن فضل العلماء على سائر الناس غير العباد؟ فضلاً عن من دونهم من أهل التفريط، وهذا كما قال المؤلف -رحمه الله-: "فاغتنمِ" اغتنم فرصة العمر ليحصل لك هذا الفضل، على هذا تبعاً للقاعدة المقررة عند أهل العلم أن النفع إذا كان متعدياً كان فضله وأجره أكثر من النفع القاصر، فالعلم فضله يتعدى إلى غيره، وقلنا: إن الثواب المرتب على العلم أشبه ما يكون بالهرمي، مثل ما قلنا: تعلم على يديك شخص وهذا الشخص علم آخر، والآخر علم ثالث، والثلاثة علموا ثلاثة، والستة علموا ضعفهم إلى أن يصل العدد إلى ما لا يعلمه إلا الله -جل وعلا-، إضافة إلى التأليف إن وجد يعني مع التعليم، أجور أجور عظيمة، لا يقدر قدرها إلا الله -جل وعلا-، فعلى الإنسان أن يغتنم كل لحظة في عمره للاكتساب من العلوم التي تزيده معرفة بالله -جل وعلا-، وعملاً بدينه، وتعليماً لخلقه.
وعالم من أولي التقوى أشد على ... الشيطان من ألف عبّاد بجمعهمِ
عباد: جمع عابد أو صيغة مبالغة فعال؟ نعم صيغة مبالغة (فعال) عباد "من ألف عباد بجمعهمِ" يعني من ألف عابد، لكنه جاء بها بصيغة المبالغة، وقد روى الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس مرفوعاً:((فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)) لكنه بسند ضعيف، سنده ضعيف "فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد" لماذا؟ معناه صحيح وإلا غير صحيح؟ معناه صحيح، سنده ضعيف، لكن معناه صحيح؛ لماذا؟ لأن وظيفة الشيطان إغواء الناس، ووظيفة العالم ضد وظيفة الشيطان هداية الناس، والعابد هذا إذا اهتدى بنفسه يكون فرداً واحداً، لكن العالم إذا بذل واستحق أن يكون عالماً بحق، عالماً ربانياً، هادياً مهدياً فإنه يناقض وظيفة الشيطان، هذا وظيفته إغواء الناس، وهذا وظيفته هداية الناس، فجاء أمره أشد على الشيطان من العابد الذي يقتصر على نفسه دون أن ينفع غيره.
وموت قوم كثير العد أيسر من ... جج حبر يموت مصاب واسع الألمِ